Sunday, 21 September 2014

ألحُــمــى فـي الـحــج



ألحُــمــى  فـي  الـحــج

غـانـم  الـعـنّـاز

أتَـتْـني  بـمَكّـهْ  تُـريـدُ  جِـواري        وتجـري  ورائـي  رُغــمَ   فِــراري
أراها  بـقربـي  وقـتَ  صلاتـي        وعـنـدَ  انـصـرافـي  تـحـومُ  بداري
تداري  شحوباً  وتُخفي  شُروراً        وتـمـضي  بـعـزم ٍ تُطيـلُ  حصاري
فـقـلتُ  رُويـداً  فـنـحـنُ  بــحـجّ      فلا  تـقـربـيـني  وصحـتُ  حـذاري
دعـيـني  وشأنـي  أقـيـمُ  صلاتي       بـكـلِّ   خُـشــوع ٍ  أصونُ  وقـــاري
فـإنّ  هـواكِ  يـشـوبُ  صَـفـائـي       ويُلهي  فؤادي،  يُـذيـب اصْطباري
فـقـالـتْ  أراكَ  عـنـيـداً  وتـنسى        بـأنّـي  عـزمـتُ  وهــذا  قــراري
سـأبـقى  قـليـلاً  أريـكَ  صداعـاً          وأبـري عـظاماً  وأكـوي  بـناري
فقلتُ  سأشكو  مُصابـي  لِطَـبٍ         يـُخـيـرُ  قِـواكِ  ويـجـلو  نهـاري
فردّتْ  قبلتُ  التحدّي  وصالتْ          تـهـدُّ  كِـيـانـي  وتــبـغي  دمـاري
فـرُحـتُ  أذودُ  بـبـاقـي  قـوايـا          ولـــذتُ  بـجـاري  أجـــرُّ  إزاري

                                                       مـكـه  المكرمـه
                                                      نيسان  1997

لقد كتبت هذه القصيدة في مكة المكرمة خلال موسم الحج لعام 1997 وقد ارتأيت اعادت  نشرها بمناسبة حلول موسم الحج في هذه الايام الصعبة من عام 2014 داعيا من الله العلي القدير ان يعيد الامن والاطمئان الى ربوع بلادنا العزيزة انه سميع مجيب 

Wednesday, 27 August 2014

شركة نفط البصرة المحدودة أو حقلي نفط الرميلة والزبير

 شركة نفط البصرة المحدودة
أو حقلي نفط الرميلة والزبير
بقلم غانم العنّاز

لقد كانت طرق البحث لاكتشاف النفط في اوائل القرن العشرين في مراحل تطورها الاولية، حيث كانت تتم عن طريق قيام خبراء طبقات الارض اي الجيولوجيون باجراء مسوحات لسطح الارض للبحث عن الدلائل التي تنم عن تواجده كالصخور المسامية الكلسية والرملية التي عادة ما تحتويه والتي يمكن مشاهدتها في الهضاب والمناطق الجبلية. كما كانوا اضافة الى ذلك يبحثون عن دلائل وعلامات ظاهرة على سطح الارض تدل على تواجد النفط كالتسربات النفطية كتلك الموجودة في مناطق كركوك والقيارة وبلكانا وهيت وغيرها اضافة الى التسربات الغازية كالنار الازلية الشهيرة في منطقة بابا كركر في حقل نفط كركوك. 

النار الازلية في بابا كركر بالقرب من مدينة كركوك
لذلك كان اهتمام كبرى شركات النفط في ذلك الزمان منصباً على مثل هذه المناطق المعروفة في العراق وايران وغيرها للحصول على امتيازات التنقيب واكتشاف النفط فيها وهو ما حققته في العراق باكتشافها للنفط بسهولة بعد  حصول شركة نفط العراق على امتيازها في الاراضي الواقعة شرق نهر دجلة وشمال خط عرض 33 درجة اي شمال بغداد وحصول شركة نفط الموصل على امتيازها غرب دجلة وشمال خط عرض 33 درجة كذلك. اما المناطق الواقعة جنوب العراق فقد كان الاعتقاد السائد في ذلك الزمان بان احتمال تواجد النفط فيها ضعيفاً لكون الارض رسوبية منبسطة ليس فيها شواهد صخرية ظاهرة او ما يدل على تواجد النفط فيها كالتسربات النفطية او الغازية.     
وقد ادى التقدم في علم الجيولوجيا واستحداث اساليب المسح الاكثر تطوراً اضافة الى اكتشاف النفط في بعض الاراضي المنبسطة كالبحرين في عام 1932 الى تعزيز الاعتقاد الاخر القائل بان بعض الاراضي المنبسطة قد تحتوي على تراكيب جيولوجية نفطية غير ظاهرة للعيان على اعماق مختلفة تحت سطح الارض  مما فتح باب التنافس مجدداً بين شركات النفط العالمية للحصول على امتيازات في مثل هذه المناطق خصوصاً الواقعة في جنوب العراق وايران والجزيرة العربية.
قامت على اثر ذلك بعض الشركات بابداء رغبتها للحكومة العراقية بالحصول على امتيازات نفطية في جنوب العراق منها شركة نفط بورما في عام 1936، شركة داود الحيدري 1936، شركة نجم السعدون 1937، شركة نفط العراق 1937، شركة سيبورد الامريكية 1937 وشركة هنتينك البريطانية 1937.
قام بعد ذلك رئيس الوزراء العراقي حكمت سليمان في تموز 1937 بتشكيل لجنة مؤلفة من وزير المالية محمد علي محمود ووزير العدلية علي محمود الشيخ علي ووزير الاقتصاد والمواصلات عباس مهدي لدراسة مقدرة وامكانيات تلك الشركات المالية والفنية وتقديم توصياتها حول ذلك. تم بعد ذلك بوقت قصير في آب 1937 تشكيل حكومة جديدة برآسة جميل المدفعي فلم تستطع اللجنة مواصلة عملها كاملا الا انه ظهر بان شركتين فقط من تلك الشركات تمتلكان الامكانيات المالية والخبرات الفنية اللازمة التي تأهلهما للمشاركة في تقديم العروض والتفاوض وهما شركة نفط العراق وشركة سيبورد.
كانت شركة سيبورد قد قامت في حزيران 1937 بتقديم عرضها بتشكيل شركة باسم إم العراق تمنح بموجبه الحكومة العراقية 25% من اسهم الشركة دون ذكر تفاصيل اخرى. ثم قامت في بداية عام 1938 بتقديم عرضها الجديد الذي حددت فيه سعر النفط باربع شلنات للطن الواحد اضافة الى منح الحكومة 20% من الارباح علماً بان الباوند الاسترليني الواحد يحتوي على عشرين شلن.       
علمت شركة نفط العراق التي كانت قد اكتشفت النفط في حقل كركوك واستطاعت تصديره في عام 1935 بعرض شركة سيبورد فقامت بتقديم عرضها المنافس الذي حددت فيه سعر  النفط باربع شلنات للطن الواحد اضافة الى منح الحكومة 20% من النفط المنتج في رأس البئر.
القرار الصعب
لقد شكل العرضان المتقاربان من شركة نفط العراق وشركة سيبورد صعوبة كبيرة للحكومة العرقية في تفضيل احداهما على الاخرى. فمنح الامتياز الجديد هذا لشركة نفط العراق، سيجعلها تسيطر على كافة الاراضي العراقية حيث انها كانت مسيطرةً فعلياً في ذلك الوقت على كافة الاراضي شرق نهر دجلة وشمال بغداد اي شمال خط عرض 33 درجة من خلال امتيازها لعام 1931 وسيطرتها على الاراضي الواقعة غرب دجلة عن طريق امتلاكها نسبةً كبيرةً من امتياز شركة انماء النفط البريطانية لعام 1932 (شركة نفط الموصل لاحقاً). ان ذلك بدون شك امر غير مرغوب به لما سيشكله من احتكار كامل للنفط العراقي ويقضي على اية منافسة حقيقية في المستقبل مما سيكون عرضة للانتقاد والتنديد من قبل الاحزاب المعارضة والصحافة المستقلة والرأي العام التي لم تغفر لشركة نفط العراق حرمان العراق من المشاركة بنسبة 20% من رأس مال الشركة بالرغم من نص مؤتمر سان ريمو على ذلك صراحةً.
ومن الجهة الاخرى فان الحكومة لا زالت تذكر الصعوبات المالية والفنية الكبيرة التي واجهتها شركة انماء النفط البريطانية بالايفاء بشروط امتيازها والتي اضطرتها في النهاية الى التنازل عن مناطق امتيازها في غرب دجلة  لشركة نفط العراق وما رافق ذلك من صعوبات قانونية ومالية للحكومة العراقية. لذلك فقد كانت مترددة بل حذرة جداً من اعطاء الامتياز الجديد لشركة غير معروفة لديها كشركة سيبورد.
شركة نفط البصرة
بناء على ذلك وبالنظراً لمتانة قاعدة شركة نفط العراق المالية وخبرتها الفنية الكبيرة وادائها المتميز في ادارة عملياتها النفطية المعقدة من انتاج ومعالجة وتصدير فقد ارتؤي امكانية تفضيلها على شركة سيبورد.
تم على اثر ذلك تشكيل لجنة في وزارة المالية لدراسة العرضين بصورة تفصيلية التي وجدت شركة نفط العراق في وضع افضل من الناحيتين المالية والفنية من شركة سيبورد كما ذكر اعلاه فاوصت بناء على ذلك بمنحها الامتياز. كما انها اوصت بان تكون بنود الاتفاقية كبنود اتفاقية شركة انماء النفط البريطانية التي اصبحت شركة نفط الموصل لاحقاً. حضيت توصيات اللجنة بمصادقة وزارة المالية التي ارسلتها الى وزارة الاقتصاد والمواصلات لمتابعة الموضوع.
قامت وزارة الاقتصاد المواصلات باجراء مفاوضات مطولة مع شركة نفط العراق نتج عنها الاتفاق على ان تكون شروط وبنود الاتفاقية الجديدة مبنية بصورة عامة على شروط وبنود اتفاقية شركة انماء النفط البريطانية. رفعت وزارة الاقتصاد والمواصلات توصيتها النهائية بشأن ذلك الى مجلس الوزراء في 9 حزيران 1938  الذي ايد ما جاء بتلك التوصية.
تم اثر ذلك قيام شركة نفط العراق في 22 تموز 1938 بانشاء شركة فرعية لها باسم شركة نفط البصرة المحدودة ليتم توقيع الاتفاقية من قبل وكيل وزارة الاقتصاد والمواصلات وممثل شركة نفط البصرة الجديدة في 29 تموز 1938.

مقر شركة نفط البصرة المحدودة - البصرة
نوقشت الاتفاقية من قبل مجلس النواب في 12 تشرين الثاني 1938 ليتم المصاقة عليها ثم قدمت بعد ذلك الى مجلس الاعيان لمناقشتها لتحظى بموافقته كذلك في 21 تشرين الثاني 1938.
بنود الاتفاقية
اما اهم بنود هذه الاتفاقية فهي :
- حدد سعر النفط باربعة شلنات (ذهب) للطن الواحد علماً بان الجنيه الاسترليني الواحد يحتوي على عشرين شلناً وان الطن الواحد يحتوي على 7.578 برميل من نفط كركوك وان البرميل الواحد يحتوي على 35 غالون بريطاني.
- حددت مدة الامتياز ب 75 سنة من تاريخ توقيع الاتفاقية اسوة باتفاقية شركة نفط الموصل.
-  حددت اراضي الامتياز بكافة الاراضي االعراقية الواقعة جنوب خط عرض 33 درجة من ضمنها الواقعة في المياه الاقليمية ومنطقة الحياد مع السعودية.
- تقوم الشركة بدفع ايجار سنوي ابتداءً من عام 1939 والسنوات الاحقة حتى تاريخ تصدير اول دفعة من النفط. حدد مقدار الايجار السنوي بمئتي الف باوند استرليني (ذهب) في حالة كون نوعية النفط المكتشف اردأ من نفط كركوك لغاية اربعمائة الف باوند استرليني (ذهب) في حالة كون النفط المكتشف ذو نوعية تعادل نفط كركوك.
-  تقوم الشركة بتصدير النفط بطاقة لا تقل عن مليون طن في السنة بعد سبع سنوات ونصف من تاريخ توقيع الاتفاقية.
- يحق للحكومة استلام 20% من انتاج النفط من رأس البئر، على ان لا يكون ذلك النفط للتصدير، او استلام ثمن ذلك نقدا.
اكتشاف حقل نفط الزبير
 تأخرت اعمال الشركة الاستكشافية خلال سنوات الحرب العالمية الثانية لتتمكن بعد ذلك من اكتشاف حقل نفط الزبير في عام 1948. يقع الحقل على بعد 25 كيلومتر غرب مدينة البصرة بطول قدره 24 كيلومتر وعرض قدره 8 كيلومتر. يحتوي الحقل على ثلاث قبب تقع اصغرها المسماة الحمّار شمال الحقل والثانية المسماة الشعيبة في وسط الحقل واكبرها الرافدين في جنوب الحقل.

حقلي نفط الرميلة والزبير وبعض آبارهما
يحتوي الحقل على عدة طبقات من الصخور النفطية اهمها المكمن الرئيسي الذي يقع على عمق 3,200 متر تحت سطح الارض ويبلغ معدل سمك صخوره النفطية حوالي 390 متر. تبلغ معدل كثافة النفط من هذا المكمن حوالي 36 درجة بمقياس معهد النفط الامريكي ويحتوي على 1.9 % من الكبريت. اما نسبة الغاز المذاب فيه فتتراوح ما بين 600 الى 800 قدم مكعب لكل برميل من النفط.
قامت الشركة بتطوير منشآت الحقل الانتاجية والتصديرية الاولى بصورة سريعة ليتم تصدير اول شحنة من نفطه في عام 1951.  

اكتشاف حقل نفط الرميلة
تم اكتشاف هذا الحقل العملاق الذي يقع على بعد 54 كيلومتر غرب البصرة في عام 1948 كذلك حيث يبلغ طوله حوالي 70 كيلومتر وعرضه حوالي 10 كيلومتر ويحتوي على قبتين رُميلة الشمالية وهي الاكبر ورميلة الجنوبية الاصغر.
يقع المكمن الرئيسي لهذا الحقل على عمق 3,050 متر تحت سطح الارض ويتراوح سمك صخوره النفطية من 200 الى 230 متر. تبلغ كثافة النفط من هذا المكمن 35 درجة بمقياس معهد النفط الامريكي ويحتوي على 2 % من الكبريت. اما نسبة الغاز المذاب فيه فتقدر بحوالي 700 قدم مكعب لكل برميل من النفط.
 قامت الشركة بتطوير منشآت الحقل الانتاجية والتصديرية الاولى ليتم تصدير اول شحنة من نفطه في عام 1954.   
منشآت حقلي الرميلة والزبير
المرحلة الاولى : 1948 – 1972
تم تطوير هذين الحقلين خلال هذه الفترة لتبلغ الطاقة الانتاجية الاجمالية منهما 650,000 برميل باليوم في منتصف عام 1972 اي عند تأميم شركة نفط العراق. شملت منشآت هذه المرحلة ما يلي:
- عشرات الآبار سواء للانتاج او للمراقبة او لحقن الماء.
 - انشاء محطتين لعزل الغاز في حقل الزبير باسم الحمّار والزبير.
- انشاء اربع محطات لعزل الغاز في حقل الرميلة باسم قرينات والشامية والوسطى والجنوبية.
- مد خطوط الانابيب اللازمة لنقل النفط المنتج من محطات عزل الغاز الى حقل خزانات النفط في الزبير.
- انشاء حقل خزانات الزبير.
- انشاء محطة لضخ النفط في حقل خزانات الزبير ومد ثلاثة خطوط انابيب احدهما بقطر 12 عقدة والآخرين بقطر 30/32 عقدة بطول 108 كيلومتر لكل منهم من حقل خزانات الزبير الى خزانات تصدير النفط الرئيسية في الفاو.
- انشاء اربعة ارصفة في ميناء الفاو لتحميل ناقلات النفط التي لا تزيد حمولتها عن 30,000 برميل.
- انشاء ميناء خور العمية العميق ومد خطين من الانابيب البحرية قطر 30/32 عقدة من خزانات تصدير النفط في الفاو الى ميناء خور العمية لتحقيق طاقة ضخ وتحميل قدرها 35 مليون برميل بالسنة اي حوالي 700,000 برميل باليوم. يحتوي الميناء على رصيفين يستطيع كل منها استقبال وتحميل ناقلات النفط الكبيرة التي تصل حمولتها الى 100,000 طن من النفط. تم افتتاح خور العمية في عام 1964 وسلمت اثر ذلك منصات الشركة لتحميل النفط في الفاو الى دائرة الموانئ العراقية.

ميناء خور العمية العميق
المرحلة الثانية :   1973 – 1975   
تم بعد تأميم شركة نفط العراق في الاول من حزيران 1972 اجراء مفاوضات مكثفة ومعقدة بين الحكومة العراقية وشركة نفط العراق ليتم بعدها توقيع اتفاقية التسوية النهائية بين الجانبين والتي جاء في احد بنودها قيام شركة نفط البصرة المملوكة من قبل نفط العراق بزيادة طاقتها الانتاجية من 700 الف برميل باليوم الى 1.6 مليون برميل باليوم اي من 35 مليون طن في العام الى 80 مليون طن في العام بحلول عام 1976.
قامت الشركة باستنفار كافة طاقاتها المتاحة لتنفيذ هذا المشروع الضخم الذي شمل تشييد المنشآت التالية :
- حفر عدداً كبيراً من الآبار الجديدة ورفع طاقات محطات عزل الغاز ومحطات ضخ النفط وخطوط انابيب نقل النفط الى حقل خزانات تصدير النفط في الفاو بعد انشاء خزانات جديدة هناك لتحقيق طاقة قدرها 80 مليون طن سنوياً.
- مد خط انابيب بحري جديد قطر 42 عقدة من حقل خزانات تصدير النفط في الفاو الى ميناء خور العمية.
- توسيع منشآت ميناء خور العمية لرفع طاقته التصديرية السنوية من 35 مليون طن الى 80 مليون طن وتمكينه من استقبال ناقلات عملاقة تصل حمولتها 250,000 طن من النفط.
استطاعت شركة نفط البصرة الإيفاء بالتزاماتها ليتم انجاز المشروع في عام 1975 غير ان ذلك لم يدم لها طويلاً فقد تم تأميمها بعد ذلك بوقت قصير.
تأميم شركة نفط البصرة المحدودة
كان قد تم تأميم شركة نفط العراق في 1 حزيران 1972 الذي تلاه مفاوضات طويلة ومعقدة انتهت بتسوية عامة له في 28 شباط 1973 كما ذكر اعلاه. غير انه لم يمض على ذلك الا وقت قصير حتى نشبت الحرب العربية الاسرائيلية في تشرين الاول/اكتوبر 1973 حيث قامت الحكومة العراقية على اثر ذلك بتأميم حصة الشركات الامريكية في شركة نفط البصرة البالغة 23.75 % اضافة الى القسم الذي تملكه مصالح هولندية والبالغ 60% من حصة شركة شل في شركة نفط البصرة والبالغ 23.75 % ايضاً وذلك انتقاماً لقيام حكومتي كل من الولايات المتحدة الامريكية وهولندا بمساعدة اسرائيل في تلك الحرب.
قامت الحكومة العراقية بعد ذلك في كانون الاول من عام 1973 بتأميم حصة كولبانكيان في شركة نفط البصرة البالغة 5%.
واخيراً تم في كانون الاول من عام 1975  تأميم حصة كل من شركة النفط الفرنسية وشركة النفط البريطانية في شركة نفط البصرة البالغة 23.75 % لكل منهما اضافة الى القسم المتبقي من المصالح البريطانية في شركة شل البالغ 40 % من حصتها الاصلية البالغة 2375 % من شركة نفط البصرة ليتم بذلك تأميم الشركة بالكامل.
صناعة النفط الوطنية
وبذلك اسدل الستار تماماً على عصر امتيازات شركات النفط العالمية في العراق لتبنى صناعة نفطية وطنية عملاقة ازدهرت خلال العقدين السابع والثامن من القرن العشرين حيث اكتشف الكثير من الحقول النفطية الكبيرة كغرب القرنة ومجنون وشرق بغداد وبزركان ونهر عمر وغيرها.
كما تم خلال تلك الفترة القصيرة تطوير بعض حقول النفط القديمة وزيادة طاقاتها الانتاجية بصورة كبيرة وتطوير بعض الحقول الجديدة والمباشرة بالانتاج منها لتصل طاقة العراق الانتاجية في عام 1979 الى 3.480  مليون برميل باليوم وهو رقم قياسي في تاريخ صناعة النفط العراقية حتى يومنا هذا.
  آب 2014   
غانم العناز   
المصدر : كتابى  العراق وصناعة النفط والغاز في القرن العشرين الصادر بالغة الانكليزية عن دار نشر جامعة نوتنكهام البريطانية في ايار 2012 .



Saturday, 26 July 2014

قصيدة دُعــــــاءْ



دُعــــــاءْ

غـانـم  الـعــنّـا ز

 
وقـلـبـي يَـفـيـضُ  بـأ زكى دعــاءْ

افـيـقُ  صبـاحـاً  وكـلّي  صـفــاءً
لِـيـشرحَ صـدري  بـأبـهـى  ثــنـاءْ

أتـانـي  بـفـجـرٍ يَـجـوبُ  الـفـضـاءَ
تـقـومُ  الـلـيـالي  تُـطـيـلُ  الرجـاءْ

فـأعـلــمُ  أنّـي  مَــديــنٌ  لأخــتٍ
وصَـفــوِ  الـحـيـاةِ  وعِــزِ  الـبـقـاءْ

لـتـدعــو  إلـيّ  بـخـيـرٍ  عَـمـيــمٍ
وأشـكـرُ  أخـتـي  لــذاك  الـوفــاءْ

فأحـمـدُ  ربّـي  لـهــذا  الـعـطــاءِ
لـتـبـنـي  حـيــاةً  بـأرضِ  الإخــاءْ

تـقــولُ بـأ نّـي  عَـمـلـتُ  كـثـيـــراً
زمـانَ  الـحصارِ وسـفــكِ  الـدمـاءْ

تُـعـيـدُ  الـهـناءَ  وتُـنـسي  الـعـنـاءَ
وكان  الإلـــهُ   كــريــمَ  الــعـطـاءْ

وأعـلــمُ  أنّـي  سَـعـيـتُ  قـلــيــلاً
لِـقــولٍ  صَـدوقٍ  يُـشـيـعُ  الـهـنـاءْ

لـهـذا سـأ بـقـى فـخـوراّ  بـأخـتـي
ونــثــرٍ  أنــيــقٍ  جــمـيـلِ  الــرواءْ

وشِـعــرٍ  جـزيــلٍ  بهـيّ  السـنـاءِ
وعـيـشٍ  رغـيـدٍ  وحـسـنِ  الـجـزاءْ

وأ دعـو  لأخـتـي  بـعـمــرٍ  مـديــدٍ
ونـــوّرَ  قــلـبَــكِ  ربُّ   الــسـمــاءْ

فــيـا  أمَّ  سَـعْـدٍ  رعـا كِ  الـرحـيـمُ
واهــداكِ  ما شاء   كيـفَ  يــشـاءْ

ويـا  أمَّ  وَعْـــدٍ  جــزا كِ  الـكـريـمُ
وأنــتِ  لــــديَّ  مــنَ  الأولـــيــاءْ

فـأنــتِ  لـغـيـري   مـنَ  الأتــقـيـاءِ
ومَـرحـى  لأمـثـالِها  مـنْ  نـسـاءْ

هــنــيـئــاً  إلــيـها  بـهـذا  الـبَـهــاءِ

واطـفـورد  -  ضـواحـي  لـنـدن - كانون اول/ديسمبر




Sunday, 18 May 2014

قصيدة طــال اشـتـيـاقـي

طــال  اشـتـيـاقـي
غـانـم  الـعــنّـاز

 

لقد كتبت هذه القصيدة في عام 2008 في اوج الغزو الغاشم والاحتلال الظالم وقد كان قد مضى على اغترابي في وقتها ما يقارب 24 سنة. وتحل في هذه الايام الذكرى الثلاثين لمغادرتي العراق ولا زال اشتياقي يزداد وما زال اهلنا في العراق يعانون مما خلفه البغاة بعد جلائهم من ويلات واهوال لم تبق ولم تذر
وقد ارتأيت بمناسبة حلول تلك الذكرى اعادة نشر القصيدة على بيت الموصل العتيد بعد ان اعدت النظر فيها لنسترجع اكاذيب الغزاة المعسولة التي صفق لها المصفقون وزمر لها المزمرون وانطلت على البعض من الناس الطيبين.
أفما آن الاوان كي نعتبر ونعتمد على انفسنا في ادارة بلادنا بتعقل وحكمة، بدلا من اللجوء الى الغير، ليعم العدل بين الناس وتعود المودة والصفاء؟ نرجو من الله ان نرى ذلك قريبا.  

طالَ  اشـتـياقي  لـعـراقي  طالا          عشرون  عاماً  قـد  مضتْ  تِرحالا

طال اغـترابي في بقاعِ المنـتـأى          كـيـف  الرجوعُ  والـبـلى  ما  زالا؟

بـات  الــفــراقُ  تـاركاً  آهــاتـهِ           والـصبـرُ  أمـسىى لابـسـا ً أسـمالا
                                            *****
جـالَ  العـدوُّ في  بـلادي  ناقـمـاً          ســارَ  الـخـرابُ  سـافِـراً  مُـخـتـالا

هـالَ  المصابُ شعبـنا في غـفـلـةٍ          كـيـف  الخـلاصُ من  عـدوّ  صـالا؟

قـالَ  أتـيـتُ  من  بـعـيـدٍ  مُـصْلحاً            مـــحـــررا ً   لا   نــاويـا ً   إذلالا

إنّي سـأدعـو  للـتـصافي  بـيـنكـمْ          أحـمـي  حِـمـاكـم   كاســراً  أغـلالا

ثــمّ   سـأبـنـي   لســلامٍ    دائــمٍ          مُـؤتَــمَــنـاً   لا   نــاشِــراً   أهــوالا

كان افــتـراءً  كلّ  ما  قـد  قـالـهُ           مـنــذ    أتـانــا  غــازيــاً    دجـالا
*****    
قـال  حلمتُ  مـن  قــديــمٍ  أنّـنـي          أرعــى  نـفـوطــا ً عــمـرها   آزالا

إنّي  سأحـمي  ما  لـديـكم صادقـاً           مُـسـتـعــفِـفـاً  لا  سـارقـاً مُـحتـالا

ثـمّ   سـأبـنـي  لــعــراق ٍ  مُشـرقٍ          يـزهــو  رخـاءً  سـاحـبــا ً  أذيـالا

فاصغوا  إليّ  واتـبـعوا من  قولـهُ          نـــمْ  حــالــمــاً  مـــؤمـّـلاً  آمــالا

 كـان   نـفـاقــاً  كلّ  ما   لـفّــقَــهُ          مـا  من  نـبـيـهٍ  سامـعٌ   ما  قــالا
88888
صبحي صبري
17/05/2014 10:00am
ماذا بوسعي ان اقول لك اخي العزيز الشاعر والخبير بشؤون النفط الاستاذ غانم العناز عن الذكرى الثلاثين لمغادرتك العراق الحبيب وعن قصيدتك (طال اشتياقي) التي ذكرتنا من خلالها بتلك الايام السود التي عشناها جراء احتل العراق من قبل دول الشر و العدوان التي قادتهم امريكا الكريهة عدوة الشعوب ..اقول : ستعود بأذن الله تعالى يا عزيزي استاذ غانم الى مدينتك الموصل الحبيبة التي لا تنساك و لا تنسى ابنائها الشرفاء من امثالك ..سنلتقي بأذن الله تعالى على ارض الموصل وتحديدا في محلتك القديمة المشاهدة التي سكنتها مع اسرتي ما يقرب السنة ونصف السنة و نقيم لك بين بيوتها القديمة و عوجاتها الضيقة، احتفالاً يليق بك و بعطاؤك العلمي والثقافي ،يتضمن الدبكات الشعبة والاغاني الموصلية التراثية مصحوبة بزغاريد حرائر الموصل ..دمت سالماً والى الملتقى .
Reply
18/05/2014 12:00am
بارك الله فيك اخي وعزيزي عاشق الموصل والعراق وابن محلتي الاعلامي البارع والصحفي القدير صبحي صبري. انه ليشرفني ان اسمع من رجالات الموصل الكرام النشامى من امثالك الذين سينهضون بهممهم العالية بالموصل والعراق بعون الله تعالى لتندمل الجراح وتعود الابتسامة على الشفاه. كما سيشرفني ان اعود الى الموصل لالتقي باهلي واحبائي من امثالك وسيعدني ان اتجول معهم ليس في عوجات محلتي المشاهدة العزيزة فقط بل في عوجات كثيرة عزيزة اخرى في جميع ارجاء الموصل تذكرني بايام الطفولة الشباب السعيدة والناس الطيبيين 
شكرا لك اخي على كرمك لاستعدادك لمرافقتي والاحتفاء بي فانت اهل لذلك، راجيا من الله ان يحقق امنيتنا هذه وامنيات جميع اخواننا المغتربين في الرجوع الى عراقهم الحبيب. دمت لنا ذخرا وعزا مع اطيب تمنياتي لك بالصحة الجيدة والعمر السعيد المديد....اخوك غانم

سالم ايليا
17/05/2014 10:02am
وهل صدق أي محتل قبله حين غزا العراق ليصدِق القول آخرهم بدأ بالإستعمار العثماني الذي جاء تحت غطاء الدين ومروراً بالإحتلال الإنكليزي الذي وعد شعوب البلدان التي إحتلها بالتقدم والأزدهار وإنتهاءاً بالإستعمار الأمريكي الذي وعد (بجلب) الديمقراطية وكأنها سلعة تباع في الأسواق ، فكلهم للثروة ناهبون وللعراق كارهون ، قصيدتكم أيها الأستاذ الجليل غانم العنّاز عبرت عن مشاعر جميع المغتربين التواقيين للعودة الى بلدٍ تسوده العدالة والمساواة ، أشكركم على ترجمة ما يجيش في نفسي من مشاعر ـ ـ أخوكم سالم ايليا

Reply
18/05/2014 12:21am
انه ليسعدني، عزيزي الكاتب القدير وخبير مصافي النفط سالم ايليا، ان اكون قد عبرت عما يجيش في نفوس ابنائنا واخواننا المغتربين التواقين للعودة الى عراقهم الحبيب الذي سيستعيد توازنه وسدادة رأيه، بعون الله، لينعم فيه المواطن بالامن والعدالة والمساواة كما عرفناه من قبل
بارك الله فيك وفي امثالك ممن يدعون الى نشر العدل والامن والمساواة بين ابناء البلد الواحد فتلك لعمري الاسس القويمة للعيش الكريم
مع اطيب تمنياتي لك بكل خير..... اخوك غانم العناز 
Reply
نايف عبوش
18/05/2014 7:44am
الكاتب الاديب غانم العناز: طال اغـترابي في بقاعِ المنـتـأى كـيـف الرجوعُ والـبـلى ما زالا؟....طالما قلنا ان الثقافة العربية طللية مرهفة الحس لا بمعنى البكائيات الجافة الجامدة، بل بمعنى الانتما ء العضوي الى الوطن والى الاصالة،وتجليات ارتباطك الروحي بالوطن واضحة في فضاء قصيدتك .اتمنى ان تعود الى الوطن وان تعيش لحظات العمر الاخيرة في الموصل التي قال عنها الشاعر الريفي ابوكوثر (ام الرماح وعهدي ناسها ناسي..).والجميل حقا تفاعل اختصاصك النفطي مع بواحاتك الشاعرية:قـال حلمتُ مـن قــديــمٍ أنّـنـي أرعــى نـفـوطــا ً عــمـرها آزالا
كم كنت مقتدرا في هذه المقاربة الجميلة.دام حسك مرهفا
نايف عبوش
Reply
19/05/2014 2:23am
بارك الله فيك عزيزي الاستاذ، نايف عبوش، الاديب المبدع الذي ما انفك يتحفنا بما لذ وطاب من مقالاته الرائعة في الادب الرفيع والموضوع الشيق والخبر الصادق. واشكر لك تشخيصك الصائب حول الارتباط العضوي والروحي للمغترب بالوطن. نعم انه ارتباط روحي لا انفكاك منه، لا بل هو في ازدياد مع مرور الزمن للكثير منا فما احلاه وما امره. واشكر لك تمنياتك لي بالعودة الى الوطن فهي كما ترى امنيتي وامنية كل مغترب ونرجو من الله ان يتحقق ذلك قريبا ولو في زيارات مستمرة لنسعد بلقاء الاهل والاحبة من امثلكم الافاضل
لك مني اجمل التقدير لقراءتك المتأنية للقصيدة وتوقفك عند مقتطفات منها مع اطيب تمنياتي لك بكل خير (ولام الرماح) والعراق مستقبلا زاهرا يليق بهما......غانم العناز

معن الغلامي
18/05/2014 1:00pm
الم الاغتراب ولوعة الفراق تفجر لدى النفوس العاليه معان ربما تتفوق على قوالب الالفاظ وتخترق الشعور وتنطلق نحو فضاء النفس الفسيح وهذا شان الفنان والاديب فهي تجعله ينقش صورا من المعاناة وينفث سحرا حلالا يجعل المتلقي يعيش الماساة ويحس المعاناة وغربة استاذنا الجليل جسدية ومعنوية جسدها في كلمات تنخر الجسد وتذيب الصخر وتبقى غربتنا جمعيا معنويه في وطن ارادوا له الضياع والانكماش والانزواء في زوايا النسيان الحاده تبقى قاسما مشتركا اكبر يجمعنا جمعيا ويدعونا لانتظار الافضل بغد مشرق جميل بوركت استاذنا الكريم وشكرا جزيلا
Reply
19/05/2014 2:32am
ما اجمل واعذب كلماتك الصادقة الرائعة النابعة من قلب ينبض بالاحاسيس الجياشة التي تأسر النفوس لتتغلغل في اعماقها دون استئذان. لقد عرجت عزيزي المهندس الخبير والاديب القدير، معن الغلامي، لتذكرني بمعاناة الغربة والضياع والانكماش التي يشعر بها ابناء شعبنا بعد ان همشوا على ايدي الغزاة والطامعين مما جعلني اشعر بالخجل من التركيز على معاناتنا نحن المغتربين. لقد استمر نزيف هذه المعاناة، عزيزي الاخ معن، طويلا ليهلك الزرع والضرع، ومع ذلك فان الجرح سيندمل عن قريب بعون الله ما دام هناك رجال من امثالك يدعون الى الثبات ومقارعة جيوش الشر والعدوان بالعزيمة القوية والكلمة الصادقة والشجاعة الفائقة والنفس الطويل. وتبقى دعوتك للتمسك بالامل والتفاؤل بالخير محورا اساسيا للوصول الى شاطئ الامان لتعود البسمة الى الشفاه العطشى والراحة الى النفوس المتعبة. مع اطيب تمنياتي لك بكل خير.....اخوك غانم العنا



فاصغوا  إليّ  واتـبـعوا من  قولـهُ          نـــمْ  حــالــمــاً  مـــؤمـّـلاً  آمــالا

كـان   نـفـاقــاً  كلّ  ما   لـفّــقَــهُ          مـا  من  نـبـيـهٍ  سامـعٌ   ما  قــالا


Thursday, 1 May 2014

إضراب عمال نفط كركوك أو مجزرة كاور باغي

إضراب عمال نفط كركوك
أو مجزرة كاور باغي

بقلم غانم العـنّاز
 

تحية وتهنئة للعاملين في صناعة النفط العراقية بمناسبة عيدهم

لم يكن للعاملين في شركة نفط العراق في كركوك من نشاط نقابي يذكر خلال العقد الثاني  من القرن الماضي. فقد كان العاملون في الوظائف الادارية اضافة الى معظم العاملين في الوظائف الوسطى كالكتابية والفنية والمهنية من الاجانب وذلك لعدم توفر المهارات المطلوبة بين العراقيين مما ادى الى اقتصار استخدام العراقيين في المهن شبه الفنية واليدوية بصورة رئيسية ممن ليس لهم دراية بالعمل النقابي. ومع انتشار المدارس في نهاية العقد الثاني وبداية العقد الثالث التحق الكثير من خريجي تلك المدارس بشركة نفط العراق ليحلوا محل بعض الاجانب في الدرجات الكتابية والفنية والمهنية فبدأت تظهر اوائل الحركة النقابية بين العاملين في الشركة.
 قام بكر صدقي بانقلابه في 29 تشرين الاول 1936 فقامت مظاهرات في انحاء العراق في الثاني والثالث من كانون الاول 1936 طافت احداها في شارع الرشيد في بغداد مطالبة (بالخبز للفقراء والارض للفلاحين والموت للفاشيين).
وفي 17 نيسان 1937 القى بكر صدقي خطاباً انكر فيه ان يكون في العراق طبقة عمالية او رأس مالية متنفذة فقام على اثر ذلك في 24 نيسان عمال الموانئ في البصرة  بمظاهرات واسعة احتجاجاً على ذلك.
قامت بعد ذلك في 5 أيار 1937 مظاهرات من قبل عمال السكاير والسكك الحديدية في بغداد وعمال شركة نفط العراق في كركوك ومحطات ضخ النفط  وعمال معامل النسيج في النجف تطالب بتحسين احوالهم المعاشية.
أول نقابة لعمال النفط في العراق
وقد ساعد انتشار المدارس والكليات والاذاعة والصحف خلال الحرب العالمية الثانية على انتشار الوعي النقابي بين منتسبي شركة نفط العراق للمطالبة بتحسين اوضاعهم المعاشية فجرت محاولة لانشاء نقابة لهم في عام 1945. لقيت تلك المحاولة اعتراضاً شديداً من قبل الشركة فقامت بفصل عدد من قادة الحركة (المشاغبين) للتخلص منهم وقامت بعد ذلك في بداية حزيران 1946 بانشاء هيئة باسم (اللجنة الداخلية للعمل) تحت رعاية احد موظفيها الاجانب خصص 15 مقعداً من مقاعدها التي لم يعلن عن عددها للعمال. جرت بعد ذلك الانتخابات للمقاعد المخصصة للعمال ففاز بعض (المشاغبين) بخمسة منها بالرغم من مناورات الشركة لعدم التصويت لهم.
قام هؤلاء الخمسة بوصم (اللجنة الداخلية للعمل) بكونها أداة استعمارية طيعة بيد الشركة لكبح جماح الحركة النقابية العمالية المشروعة وحرمان العمال من تطلعاتهم وابسط حقوقهم بعد ان عانوا كثيراً من تدني الاجور وارتفاع التضخم وغلاء المعيشة وشحة المواد الاستهلاكية خلال سنوات الحرب 
العالمية الثانية.

عمال الخراطة في الورشة الميكانيكية
شركة نفط العراق- كركوك - 1965 

تم على اثر ذلك عقد اجتماع في 13 حزيران 1946 حضره حوالي 500 من عمال الشركة الذين 
قرروا المطالبة بما يلي:
1- الاعتراف بحقهم بتشكيل نقابة مستقلة خاصة بهم.
2 - رفع الحد الادنى للاجور اليومية من 80 الى 250 فلسا.
3 - وضع حد لقيام الشركة بالفصل الجماعي والتعسفي للعمال.
4 - انشاء صندوق ضمان للمرضى والمعاقين وكبار السن من العاملين في الشركة.    
علمت الشركة بذلك الاجتماع والمطالب المفرطة فقررت تهدئة الاوضاع فقامت في الاول من تموز 1946 بزيادة غلاء المعيشة لمختلف الدرجات ما بين 50 و 100 فلس باليوم الا انها اصرت على عدم الموافقة على زيادة الحدود الدنيا للاجور وبقية المطالب الاخرى.


مطعم عمال شركة نفط العراق
كركوك – حوالي 1965

لم ترتقِ تلك الزيادة لتطلعات العاملين العراقيين في الشركة مما نتج عنه تشكيل (لجنة عليا للاضراب) اضافة الى عدد من اللجان الثانوية التي تمثل معظم المهن والدرجات الوسطى في الشركة للتنسيق والتشاورفيما بينها.
ألإضراب عن العمل
تطورت الامور بصورة سريعة جداً حيث اتخد  قرار من قبل اللجنة العليا وبقية اللجان الثانوية في الثالث من تموز للقيام بالاضراب عن العمل بعد ان تم حصولهم على موافقة ميدانية مبدئية من قبل معظم العاملين للاشتراك به.
بوشر بالاضراب في الرابع من تموز 1946 حيث خرج ما يقارب خمسة آلاف من العاملين في الشركة بمسيرة في شوارع كركوك رافعين لافتات تحمل شعاراتهم ومطالبهم. انتهت المسيرة في بستان كاور باغي في اطراف المدينة حيث اقيم حفل القيت فيه خطب وكلمات تدعو الى الصمود حتى تتحقق مطالب المضربين. اصبحت كاور باغي بعد ذلك  مركزاً للتجمعات والمظاهرات اليومية تُحمل فيها اللافتات وتُلقى خلالها الخطب الحماسية والكلمات التشجيعية وتُردد الشعارات النقابية ويُنادى بالمطالبة بالحقوق المشروعة.
كان الاضراب مفاجأة كبيرة بالنسبة للشركة وضعها في موقف حرج جداً امام الصحافة
والرأي العام فقامت، من مبدأ الحفاظ على ماء الوجه، بدعوة المضربين بالتخلي عن اضرابهم 
والعودة الى اعمالهم قبل ان تستطيع النظر في مطالبهم.


دوائر شركة نفط العراق الرئيسية في منطقة عرفة – كركوك
منتصف العقد الرابع من القرن العشرين

كانت الحكومة في هذه الاثناء قلقة من استمرار الاضراب مما قد ينتج عنه عرقلة انتاج وتصدير النفط، المصدر الرئيسي لمواردها المالية. فقامت باصدار اوامرها الى متصرف (محافظ) كركوك باتخاذ الاجراءآت اللازمة لانهاء الاضراب واستخدام القوة، ان تطلب الامر. قام المتصرف برفع تقريره الذي بين فيه ان مسيرات المضربين واعتصاماتهم قد كانت سلمية ولم تتسبب في تعكير الامن العام في المدينة لذلك فهو ينصح بالتروي ولا يرى ضرورة لاستعمال القوة لتفريقهم. رأت السلطات في بغداد في تقرير المتصرف ما ينم عن تحديه للاوامر وتعاطفه مع مطالب المضربين فقامت بعزله وتعيين متصرف جديد.
ألقسوة المفرطة واطلاق النار على المضربين
تطورت الامور الى الاسوء بعد وصول المتصرف الجديد واستلامه مهام عمله حيث وصلت مفرزة من الشرطة الخيالة الى ساحة الاعتصام في كاور باغي  في 12 تموز 1946. قامت الشرطة باصدار اوامرها للمتظاهرين بالتفرق واخلاء موقع الاعتصام وعند عدم استجابة المتظاهرين لتلك الاوامر قامت الشرطة بمهاجمتهم من ثلاث جهات متفرقة مستعملة في بداية الامر الهراوات مما نتج عنه سقوط عدد من المتظاهرين الجرحى تحت اقدام الخيول المضطربة. وعندما بدأت الجموع تتفرق في كافة الاتجاهات لم تكتفي الشرطة بذلك بل قامت باطلاق الرصاص عليهم بصورة عشوائية مما نتج عنه مجزرة راح ضحيتها عشرة قتلى وسبعة وعشرين جريحاً. لقد تبين لاحقاً من مجرى التحقيق ووتقارير المحاكم بان معظم القتلى كانت اصاباتهم من الخلف بعد ان قاموا بالتفرق والهرب.
ومع انتشار خبر المجزرة اجتاحت البلاد موجة من الاستنكار والتنديد بشركة نفط العراق لعدم تلبية حقوق العمال المشروعة  وبالسلطات الحاكمة لاستعمالها تلك القسوة المفرطة تجاه المتظاهرين المسالمين العزل.

خارطة مدينة كركوك
 موقعي دوائرشركة نفط العراق الرئيسية وبستان كاور باغي
نتائج الاضراب
اما السلطات التي وضعت في موقف حرج فقد حاولت تبرير فعلتها بوضع اللوم على المشاغبين والمتصييدين في المياه العكرة.
واما شركة نفط العراق فقد وضعت في موقع حرج مشابه حاولت على اثره تهدئة الخواطر برفع الاجور الدنيا لمنتسبيها من 80 الى 140 فلساً ورفع مجموع الاجور والمخصصات اليومية الدنيا من 200 الى 310 فلساً.
اما المضربون فقد رجعوا الى اعمالهم يوم 16 تموز 1946 مهزومين لكنهم غير منكسرين كما اريد لهم. كما انهم شعروا بالمرارة العميقة وخيبة الامل الشديدة لقيام سلطاتهم الوطنية ليس فقط بالوقوف مع شركات النفط الاحتكارية الجشعة ضد مطالبهم المشروعة بل بالقيام باستعمال القسوة المفرطة ضدهم لتسيل الدماء الزكية فيسقط ذلك العدد الكبير من زملائهم بين قتيل وجريح.
 ومع كل ذلك فلم تفت تلك الاحداث الدامية من عضد الحركة النقابية في الشركة بل زادتها اصراراً وانتشاراً بين منتسبي الشركة للمضي قدماً في المطالبة بتحسين احوالهم المعاشية. فلم يمض غير اقل من سنتين على تلك الاحداث حتى قام العاملون في محطة ضخ النفط الرئيسة (كي-3) بالقرب من مدينة حديثة على الفرات باضرابهم الشهير عن العمل في نيسان 1948 ومسيرتهم التاريخية المذهلة نحو بغداد لكسب تاييد الرأي العام لقضيتهم. حيث انتهى الاضراب بالفشل الذريع بعد ان فاجأتهم قواة الشرطة في الرمادي لتتصدى لمسيرتهم الجريئة لتمزقها شر ممزق ثم لتقوم بعد ذلك بمطاردة وتفريق جموعهم اشتاتاً ولكن في هذه المرة من دون استعمال القسوة المفرطة مما لم ينتج عنه وقوع اية خسائر بالارواح بين المضربين.
ومن يدري فقد يكون لنا وقفة اخرى مع احداث (كي-3) العجيبة التي هزت الرأي العام العراقي في ذلك الزمان مستقبلاً بعون الله.    
أيار 2014
المصادر :
- كتاب الطبقات الاجتماعية القديمة والحركات الثورية الحديثة في العراق الصادر باللغة الانكليزية لمؤلفه حنا بطاطو.
 - كتابى  العراق وصناعة النفط والغاز في القرن العشرين الصادر بالغة الانكليزية عن دار نشر جامعة نوتنكهام البريطانية في ايار 2012 .

   



عزيزي الشاعر والكاتب القدير الأستاذ غانم العناز 
مادة دقيقة ومشوقة ورائعة هذه التي وثقت بها ما يجهله الكثيرون
أشد على يدك وأدعوك أن توافينا بمثل هذه المواد النادرة والمفيدة 
معد الجبوري
بارك الله فيك عزيزي الشاعر الخلاق معد الجبوري على كلماتك الرقيقة واشكر لك شدك على يدي للاستمرار كما دعوتني الى توثيق ونشر مثل هذه المقالات التي ستظهر تباعا ان شاء الله
مع اطيب تمنياتي لك بالصحة الجيدة والخير العميم   غانم العناز
*****

عاشت ايدك اخي العزيز الكاتب القدير الاستاذ غانم العناز لهذا التوثيق الجميل ، عن حياة عمالنا الكادحين.. الذين نادوا بحقوقهم المشروعة من أجل لقمة العيش.. و لقد احسنت الاختيار بنشرك هذه المقالة اخي العزيز الاستاذ غانم .. فكل عام و عمالنا البواسل بألف الف خير و سعادة دائمة بعيدهم الاغر عيد العمال العالمي .. دمت كاتباً مبدعاً و محروساً برعاية الله و حفظ    صبحي صبري

شكرا جزيلا عزيزي الاخ الاعلامي والصحفي القدير صبحي صبري الذي ما انفك يتحفنا بمقالاته الشيقة، واقدر لك تعليقك القيم على المقالة الذي اثراها وكيف لا وانت ممن لا يهدأ له بال في الدفاع عن حقوق العمال والمحرومين والضعفاء
بارك الله فيك ورعاك ذخرا لنا ولقرائك الكرام
مع اطيب تمنياتي لك بالصحة الجيدة والرزق والوفير والعمر الطويل .......ودم لاخيك المحب.......غانم العناز
*****
 
الكاتب الفاضل الاستاذ غانم العناز:مقال مهني توثيقي مشوق وضعت القراء فيه بصورة حقيقة واقع العمال انذاك وبدايات نضالاتهم لتكوين النقابات للحصول على حقوقهم المهدورة من الشركات الاحتكارية المستغلة.وقد كانت الشركات الاحتكارية تقف ضد محاولات العمال لتشكيل النقابات لانها تعرف ما يعنيه تجمع العمال تحت سقف تنظيمي مهني واحد من من قوة للعمال في وجة سطوة الشركات الاحتكارية وغطرستها.اثمن كتابك الموضوعية في مجال الصناعية النفطية والنشاطات المتشابكة معها من منطلق الاختصاص والخبرة والرؤية.دام قلمك سيالا بكل ماهو مفيد للقراء في هذا المجال
نايف عبوش

بارك الله فيك عزيزي الكاتب القدير نايف عبوش الذي ما انفك يتحفنا  بكل ما لذ وطاب من مواضيع شيقة، واثمن واشكر لك تعليقك القيم الذي اكد على ما جاء في المقالة واثرى محتواها
نعم لقد كانت البدايات للعمل النقابي صعبة لكنها جريئة بنيت على اسسها النقابات العديدة التي نراها اليوم ليس فقط لكافة المهن العمالية بل للمهن الاخرى من علمية وفنية وتجارية وغيرها
مع اطيب تمنياتي لك بكل خير ......غانم العناز
*****

الشعب العراقي ومنذ الازل شعب لايقبل الذل ويحاول دوما النزوع نحو التحرر وما تفضلتم بعرضه ايها الاستاذ الكبير يمثل برهانا على ما اقول وهو يمثل صفحة مشرقه من صفحات نضال شريحة هامه كانت محور الكثير من الثورات ومرتكزا اساسيا لفلسفات وايدولوجيات ربما بعضها ذهب حد الغلو والتطرف انها اسفار تخلد سيرا لرجال ضحوا بالغالي والنفيس من اجل قضية الامه وهم الشعب وابناء الطبقة العامله بوركت استاذي الجليل وشكرا جزيلا    معن الغلامي
ان ما تفضلت بذكره عزيزي المهندس الخبير والكاتب القدير معن الغلامي قد القى اضواء اخرى على كفاح الشعب العراقي وطبقته العاملة من اجل التحرر والتقدم واثرى المقال فشكرا جزيلا لك على ذلك والرحمة الواسعة لشهدائنا الابرارالذين ضحوا بانفسهم في سبيل تقدم شعبهم  العزيز

مع اطيب تمنياتي لك بكل خير ..........غانم العناز

*****

Reply
محمد صالح يا سين الجبوري
04/05/2014 4:41am
حصل العمال على حقوقهم نتيجة التضحيات الكبيرة التي رافقت المسيرة العمالية ,مقال يجسد الانجازات التي تحققت في ظروف صعبة ودور النقابات العمالية في قيادة الحركة العمالية نحو المطالبة باصدار قوانين وتشعريعات تخدم الطبقة العاملة وكيف أصبحت تلك المطالب حقوق ودستور للاجيال القادمة ,المقال يستحق وقفه لتحليله وعرضه ,فهو مقال قيم ودراسة جيدة تخص الطبقة العاملة التي تشكل نسبة عالية من مكونات المجتمع .
بارك بالاستاذ غانم الغناز وكتاباته الثمينة التي لها اهمية خاصة ,ونحن بابنتظاز المزيد من الدراسات والبحوث والمقالات
بارك الله فيك عزيزي الكاتب والاعلامي المتمكن محمد صالح ياسين الجبوري على اضافتك القيمة. نعم لقد حصل تقدم هائل في العمل النقابي خلال القرن الماضي في العالم، اصبحت فيه الطبقة العاملة قوة يحسب لها الحساب في كافة الدول خصوصا الصناعية وكيف لا وهي كما تفضلت تشكل نسبة عالية من مكونات المجتمع المنتج
ان مشاركة بقية مكونات المجتمع العلمية والفنية والتجارية والهندسية والطبية وغيرها في تشكيلها نقابات خاصة بها فيه الخير كذلك، حيث انها تسعى ليس فقط للدفاع عن حقوقها اعضائها  بل لتقدمهم في مجالات اختصاصاهم مما يعود بالنفع على ابناء بلدهم

مع اطيب تمنياتي لك بالنجاح والخير العميم اتبقى في رعاية الله وحفظه......غانم العناز