Saturday 28 July 2018

حوار مع الأستاذ غانم العنّاز حول مصافي النفط واستيرادات العراق من



المنتجات النفطية

الاستاذ الفاضل غانم العناز

تقديم

هناك جوانب في صناعة النفط العراقي تستحق البحث المستمر عنها للكشف عن معضلات ظاهرة وأخرى خفية في تاريخ هذه الصناعة، والتي تشكل القاعدة الرئيسية للاقتصاد العراقي. 

وكمحاولة أولية لولوج هذا المجال لجأت إلى إجراء حوار مع الأستاذ غانم العنّاز باعتباره واحدا من خبراء النفط العراقيين المعروفين، وعرضت عليه الأسئلة التالية، وقد تفضل مشكوراً بالإجابة عليها.

السؤال الاول
 
في ثلاثينيات القرن العشرين تم تاسيس مصفى الوند وتبع ذلك تاسيس مصافي اخرى للنفط من اهمها مصفى الدورة في بغداد سنة ١٩٥٢ وباشر بالانتاج سنة ١٩٥٥ وكان العراق مصدرا للمنتجات النفطية قبل اندلاع الحرب العراقية- الايرانية اما اليوم فقد اصبح العراق مستوردا لهذه المنتجات وخصوصا البنزين والديزل على الرغم من الزيادة المتواصلة في انتاج النفط الخام. السؤال ما اسباب التخلف في صناعة المنتجات النفطية ؟ هل هناك اسباب فنية او ادارية تقف حائلا دون التوسع في هذه الصناعة الحيوية او على الاقل  تطوير  واعادة تاهيل مصافي النفط القائمة بالانتاج  حاليا والتوقف عن هدر العملة الاجنبية في استيراد هذه المنتجات من الخارج؟
السؤال الثاني-

تشير المعلومات الى ان عدد سيارات القطاع الخاص في العراق ( الخصوصي والاجرة والحمل ) المسجلة في دواءر المرور لسنة ٢٠١٦ نحو ٦.٢ ستة ملايين ومائتي الف سيارة ( عدا محافظات اقليم كردستان - اربيل وسليمانية ودهوك) الامر الذي ادى الى تزايد الحاجة المحلية من المشتقات النفطية والتي يقدرها البعض بحو ٦٠٠ ستمائة الف برميل يوميا يستخدم جزء كبير منها في توليد الطاقة الكهربائية فلماذا لا يتم تخصيص  كمية معينة   من النفط الخام العراقي في انتاج المشتقات النفطية التي يتم استيرادها من الخارج بمليارات الدولارات الامريكية كيف تعلقون على ذلك؟

السؤال الثالث

تشير المعلومات الى رداءة نوعية البنزين المنتج محليا  والذي اصبح لا يستعمل في السيارات الحديثة كما ان المنتجات النفطية المستخلصة من برميل النفط الخام تبلغ  بحدود ٥٠ بالمائة في حين ان النسبة تصل الى ٨٠ - ٨٥ بالمائة في الدول المتقدمة ما اسباب هذا التفاوت؟

اية معلومات اخرى ترون اضافتها بخصوص تاريخ الصناعة النفطية في العراق

مع التقدير 

فاروق يونس

الجواب

الاستاذ الاقتصادي الفاضل فاروق يونس

شكرا لاسئلك الوجيهة التي سأحاول الاجابة عنها باختصار كما يلي :

 

1 –  السؤالين الاول والثاني

كانت شركة نفط خانقين المحدودة صاحبة الامتياز لحقل النفطخانة قد اتفقت مع الحكومة العراقية لانشاء مصفى للاستفادة من نفط ذلك الحقل لتزويد السوق المحلية بالمنتجات النفطية ليتم على اثر ذلك انجاز المصفى في عام 1927 والذي سمي بالوند نسبة الى نهر الوند الذي يمر بالمنطقة.

 تم تأسيس مصلحة مصافي النفط في عام 1952 لتدريب الكادر الوطني خلال عملية انشاء مصفى الدورة الذي تم انجازة وتشغيله عام 1955 بطاقة انتاجية قدرها 24,000 برميل من النفط باليوم ليتوسع مع مرور الزمن الى طاقة انتاجية قدرها 130,000 برميل باليوم.

تلى ذلك انشاء مصافي البصرة و صلاح الدين والشمال بطاقة 140,000 برميل باليوم لكل منها هذا بالاضافة الى عدد من المصافي الاصغر كمصفى المفتية  والقيارة وكركوك وكي3/ حديثة والسماوة والناصرية والصينية والكسك ليصل عددها الى 13 مصفى بطاقة اجمالية قدرها 695,000 برميل باليوم

لذلك فان شحة المنتجات النفطية الحالية في العراق لا تعود الى عدم توفر النفط الخام المطلوب لتزويد المصافي بل تعود بالدرجة الاولى الى تدمير مصافي صلاح الدين والشمال والوند بطاقة اجمالية قدرها 300,000 برميل باليوم اي خسارة ما يقارب 43% من الطاقة المتوفرة قبل قيام الحرب العراقية الايرانية. وبالدرجة الثانية الى عدم اصلاح وتأهيل مصفيي صلاح الدين والشمال اضافة الى عدم انشاء وانجاز مصافي جديدة بعد الاحتلال بالرغم من الاعلان عنها كمصفيي كربلاء وميسان.

ملاحظة
وقد يكون من المفيد ان ادرج ادناه المنشور التالي الذي نشر تحت اسم (شباب كربلاء) ا الذي عثرت عليه على الفيسبوك والمنشور بتاريخ 14/4/2017 الذي يحكي قصة تعثر وتأخير مشروع انشاء مصفى كربلاء خلال السنوات السابقة.


""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""

"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""

كما نشرت السومرية نيوز ما يلي :

1 شباط 2018

السومرية نيوز/ بغداد
باشرت شركة مصفى ميسان الدولية، الخميس، بتنفيذ اهم مصفى استثماري في العراق بطاقة 150 الف برميل يوميا.

وقالت الشركة في بيان لها تلقت السومرية نيوز نسخة منه انها "باشرت اليوم بتنفيذ اهم مصفى استثماري في العراق بطاقة 150 الف برميل يوميا"، مشيرة الى ان "انشاء المصفى من شأنه تقليص حجم المشتقات النفطية المستوردة من الدول الاخرى، اضافة الى توفير العملة الصعبة للدولة جراء هذه الاستيرادات ".

واضافت الشركة ان "مصفى ميسان الاستثماري يعد علامة فارقة في الصناعة النفطية الاستثمارية في العراق حيث سيوفر المشتقات النفطية عالية الجودة وفق دليل المواصفات التسويقية العراقي ووفق احدث التكنولوجيا العالمية".

وتابعت الشركة ان "مشروع المصفى النفطي في ميسان، له اهمية ك‍بيرة في زيادة المنتوجات النفطية، وتطوير انتاج الحقول، وتوفير فرص عمل"، لافتاً الى ان "المصفى سيوفر الالاف من فرص عمل لابناء المحافظة، وسيقضي على البطالة بشكل كامل".

وحضر محافظ ميسان علي دواي الى مقر المشروع، للاطلاع على اعمال الشركة.

وأعلن وزير النفط جبار علي اللعيبي، في 4 كانون الثاني 2018، أن وزارته تولي اهتماماً كبيراً بمشروع مصفى ميسان الاستثماري، مؤكداً أن الاخير من ضمن خطط الوزارة الاستراتيجية لزيادة معدلات انتاج المشتقات النفطية في البلاد.

ووضعت وزارة النفط في 25 تموز 2016 حجر الاساس لمصفى ميسان الاستثماري بطاقة 150 الف برميل يوميا، مبينة ان المشروع يعتبر اول صرح اقتصادي على ارض ميسان ويعد احد اكبر المشاريع الاستثمارية في قطاع التصفية ب‍العراق.

وكان وزير النفط جبار اللعيبي اوعز، في (9 تموز 2017)، بإنشاء مدينة نفطية متكاملة في محافظة ميسان، مشيراً إلى أن المدينة ستكون نواة لمشاريع أخرى تسهم في إضافة لمسات جمالية وتطويرية للمحافظة.

"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""

لقد سمعت عن انشاء هذين المصفيين قبل سبع سنوات لاقوم بادراجهما في كتابي العراق وصناعة النفط والغاز في القرن العشرين الصادر في ايار 2012 عن دار نشر جامعة نوتنكهام البريطانية. اي لقد مضى منذ ذلك الوقت الى الآن حوالي سبع سنوات للتوصل الى تنفيذ 35% من مصفى كربلاء وسبع سنوات للتوصل الى توقيع عقد مصفى ميسان والمباشرة بالتنفيذ!!!.

يا ترى كم ستستغرق عملية الانشاء والتشغيل ليتم الانتاج؟؟

أن هذا يذكرني بالمثل القائل (موت يا حمار الى ان يجيك الربيع)

 2 – السؤال الثالث

ليس لدي معلومات عن اسباب انخفاض نسبة انتاجية المنتجات النفطية وتردي نوعيتها ولكن على الاكثر ان الاسباب تعود الى قدم منشآت المصافي العاملة الآن وشحة المواد والادوات الاحتياطية وغيرها من الاسباب التشغيلية الكثيرة.

راجيا ان اكون قد وفقت بالاجابة على اسئلتك

دمت بخير

غانم العناز

 

Monday 9 July 2018

رحلة في يومٍ شتاءٍ رائقْ وانقلابٍ حانقٍ وخانقْ


رحلة في يومٍ شتاءٍ رائقْ وانقلابٍ حانقٍ وخانقْ

8 شباط 1963

بقلم : غانم الـعـنّـاز

عهد صاخب

تمر في هذه الايام الذكرى الستين لثورة 14 تموز عام 1958 التي كانت فيها نهاية الحكم الملكي في العراق ومقتل الملك فيصل الثاني وبداية الحكم الجمهوري بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم.

فقد كان عهد الزعيم عبد الكريم قاسم بالرغم من قصره الذي لم يزد عن اربع سنوات ونصف يعج باحداث سياسية كبيرة منها محاولة الانقلاب الاولى لرفيق دربه عبد السلام عارف التي انتهت بالفشل وبسجنه ومن ثم العفو عنه ووضعه تحت الاقامة الجبرية.

ثم محاولة الانقلاب الثانية الذي قادها عبد الوهاب الشواف في الموصل والتي انتهت بالفشل ومقتله.

كما كانت هناك محاولة اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم في شارع الرشيد في بغداد التي نجا منها باعجوبة ، حيث كنت في تلك الايام ضابط احتياط منسب الي المديرية العامة للاشغال العسكرية في وزارة الدفاع ، فكنت امر صباح كل يوم امام سيارته الاستيشن المثقبة بالرصاص المعروضة امام وزارة الدفاع.

لقد رافق تلك الاحداث الجسام صدامات دامية في الموصل وكركوك اضافة الى المظاهرات والاحتجاجات المستمرة المؤيدة والمعارضة لسياساته لينتهي عهده بالانقلاب الثالث والاخير في 8 شباط 1963 على يد رفيق دربه الذي كان قد عفا عنه من قبل ، عبد السلام عارف.

وعهد حافل بالأحداث

وبالرغم من كون عهد الزعيم عبد الكريم قاسم صاخبا بالاحداث السياسية الا انه كان حافلا باحداث غاية في الاهمية.

1 - فقد انشأ وزارة النفط التي اصبحت مع مرور الزمن من انجح الوزارات العراقية.

2 -  مساهمة العراق في عهده مع المملكة العربية السعودية وايران وفنزويلا بتأسيس منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) التي استطاعت من انتزاع هيمنة الشركات العالمية الكبرى على انتاج وتحديد اسعار النفط في العالم لتصبح اهم منظمة بترول فاعلة في اسواق البترول العالمية حتى اليوم بعد انضمام الكثير من البلدان الاخرى اليها.     

3 - تم في عهده استرجاع 99.5 % من اراضي شركات نفط العراق والبصرة والموصل باصدار القانون رقم 80 الشهير.

4 - تم كذلك اعداد مسودة شركة النفط الوطنية التي اعلن عنها بعد سنة من وفاته في 8 شباط 1964 التي نجحت بعد ذلك في اكتشاف العديد من حقول النفط العملاقة كمجنون وغرب القرنة وتطرير وانتاج النفط من حقل الرميلة الشمالي والعديد من الحقول الجديدة المكتشفة كغرب القرنة والبزركان وغيرها.

5 - اصدار قانون الاصلاح الزراعي الذي خفف من حدة الاقطاع وقام بتوزيع الاراضي على الفلاحين.

6 - انشاء مدينة الشعب لاسكان ابناء الشعب خصوصا الذين كانوا يسكنون الصرائف البدائية التي لا تليق بالعاصمة بغداد اضافة الى انشاء مدينة الضباط التي وفرت المساكن اللائقة لمنتسبي الجيش العراقي وعوائلهم وما رافق ذلك من انشاء المدارس والمعاهد والاستمرار بتنفيذ مشاريع مجلس الاعمار وغيرها.

7 -  قيامه بتشكيل وزارات وطنية ضمت العديد من الخبراء كمحمد حديد والكتور ابراهيم كبة والدكتورة نزيهة الدليمي كاول وزيرة في العالم العربي وهاشم جواد ومحمد سلمان واسماعيل العارف وهديب الحاج حمود وفيصل السامرائي وغيرهم الكثير فقد كان يردد رحمه الله بانه (فوق الميول والإتجاهات).


جواز السفر وما ادراك ما جواز السفر

انني لأذكر تلك الاحداث الصاخبة خصوصا التي انتهت بالانقلاب الاخير يوم 8 شباط عام 1963 حيث كنت قد قررت السفر الى بريطانيا واستغرق الحصول على جواز السفر اشهر عديدة.

كان ذلك التأخير بسبب تلك الاحداث الجسام التي ذكرناها اعلاه وما نتج عنها من منع للتجوال والتأخير بالمعاملات خصوصأ ما يتعلق منها باصدار جوازات السفر وما صاحب ذلك من الكثير من التحريات والغوص في التوجهات السياسية لطالبي الجواز والسؤال ليس عن الاب الجد الام والزوجة والاولاد فقط بل عن العم والخال وابنائهم اضافة الى الاصدقاء والزملاء وغير ذلك من الامور التي ما كانت لتخطر على البال والتي اصبحت تعتبر من وجهة  نظر السلطات من الامور الضرورية ناسية أو متناسية بذلك انها من الاساليب العقيمة والبالية ذات الفائدة المحدودة اذا ما قورنت بالمعاناة والاضرار والاستياء والتأخيرالتي تسببه للمواطن المسكين وترهقه.

لقد كنت في تلك الفترة ضابط احتياط معارة خدماته الى شركة نفط العراق المحدودة في كركوك وكنت قد قدمت طلب لاصدار جواز سفر جديد وكنت على معرفة بمدير الجنسية والجوازات الذي كنت اتصل به بين الحين والآخر للاستفسار عن تقدم المعاملة ليخبرني في يوم من الايام بان  الموافقة قد حصلت ودعاني للحضور لاكمالها اصدار الجواز.

ذهبت للسلام عليه وشكره ليرسلني الى مفوض الجوازات لاصدار الجواز. وهناك كانت المفاجأة التي لم تخطر ببالي اذ اخبرني المفوض بان اسمي (غانم العناز) على قائمة الممنوعين من السفر.

رجعت الى مدير الجنسية ليبدي استغرابه وقال لابد ان يكون هناك التباسا بالاسماء فان قائمة المنع قد نصت على الاسم واللقب فقط (غانم العناز) دون ذكر اية تفاصيل اخرى كاسم الاب والجد وغير ذلك. فخطر ببالي قد يكون المقصود بالمنع المرحوم (محمد غانم العناز) حيث لم اكن معنيا بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد. فقام الرجل بارسال كتاب الى مديرية الجنسية العامة في بغداد للاستفسار عن المعني بالمنع كاسم الاب والجد وغير ذلك ونصحني بمتابعة الموضوع هناك والا قد يتأخر الجواب اسابيع ان لم يكن اشهر بسبب الاضطرابات التي لم تكن لتهدأ الا ان تثار من جديد.

ذهبت الى بغداد ليقوم بمرافقتي المرحوم المقدم محمد فاتح الاطرقجي في الذهاب الى مديرية الجنسية العامة حيث ان الدخول الى مديرية الجنسية العامة لمتابع المعاملة ليس بالامر السهل في خضم تلك الاحداث. فقام رحمه الله بالواجب حيث كان الضابط في تلك الايام ذو هيبة وتقدير حيث ظهر بعد التحري وتدقيق السجلات بانني ليس المقصود بالمنع بل كان كما توقعت المرحوم (محمد غانم العناز) حيث ظهر بانه كان مبعدا من الموصل الى مدينة الحلة. حرر كتاب بهذا المعنى الى مديرية الجنسية والجوازات في كركوك ليتم على ذلك اصدار جواز سفري في بداية عام 1963.

وهنا لا بد ان اضيف بان تلك الاساليب البالية لاصدار جوازات السفر قد زادت مع مرور الزمن في التعقيد حتى يومنا هذا ليصبح طالب جواز السفر متهما عليه اثبات براءته قبل التفضل بالانعام عليه بمنحه جواز السفر. لقد نسي الجميع وتناست السلطات خاصة بان جواز السفر هو حق من حقوق المواطنة لا هبة من الحكومات الجاهلة المتعاقبة.

فمتى ستستفيق الحكومات من سباتها للقضاء على هذا الشر المستطير الذي يعاني منه المواطن المسكين الامرين والذي اصبح مستشريا لا يطاق؟


لقد كتبت عن ذلك الموضوع والمعاناة التي يلاقيها المواطن المخلص لوطنه قصيدة بعنوان (جواز سفر) التي تم ترجمتها الى اللغة الانكليزية من قبل الصحفي البريطاني

James Cain

 والمنشورة على صفحته التي ابدأها الابيات التالية

قــد  بُـلـيــنــا  بــجــواز ٍ

ما  صفـا  يـومـاً  وطـابْ

فهـــو  كالـمعلـولِ  فـيـنـا

فــيــهِ  حـمّـى  واكـتـآبْ

وانهيها بالابيات التالية

فهــو  دوماً  تـحـت  شـك ٍ

وهُــمـــو فــي  إرتــيـــابْ

يا  تُـرى  هـل  من  دواءٍ

قــبـل  فـقــدان  الصــوابْ؟

الرحلة الى اسطنبول

على كل حال حمدت الله عز وجل على حصولي على جواز السفر وتم الحجز على الخطوط الجوية العراقية لصباح يوم 8 شباط 1963 الى لندن عن طريق اسطنبول.  

 كنت في ذلك الوقت كما ذكرت اعلاه اعمل في شركة نفط العراق المحدودة في كركوك فسافرت الى بغداد في يوم 7 شباط لاكون جاهزا للسفر صباح اليوم التالي.

وقد كان من غرائب الصدف ان يكون شقيقي ، مدير الامور الطبية للقاعدة البحرية في البصرة ، العميد الطبيب يحيى العـناز مسافرا على نفس الطائرة الى اسطنبول في طريقه الى باكو في اذربيجان بدورة في طب الغوص.

ذهبت انا واخي في الصباح الباكر من يوم 8 شباط  الى مطار بغداد القديم الذي سمي بعد ذلك بمطار المثنى وكانت بغداد لا زالت شبه نائمة والشوارع شبه خالية وليس هناك ما ينم عن اية امور غير اعتيادية.

كانت معاملات السفر في المطار طبيعية لنستقل الطائرة في طريقنا الى اسطنبول لنفترق انا واخي هناك لاستمر انا على نفس الطائرة الى لندن وليأخذ اخي طائرة اخرى الى باكو.

اقلعت الطائرة بالموعد المحدد لها لتأخذ مسارها شمالا بمحاذاة نهر دجلة. كان الجو صافيا رائقا والشمس قد بدأت بالشروق لتعكس اشعتها الاولى على مياه دجلة الرقراقة لترسم لوحة غاية في الجمال تدخل البهجة والسرور والاطمئنان في نفوس ركاب الطائرة. وعند وصولنا الى منطقة الفتحة بين جبل مكحول وجبل حمرين التي تعبر عندها خطوط انابيب تصدير النفط عبر سوريا الى البحر الابيض المتوسط بدت لنا شعلات حرق الغاز في معمل التركيز ومحطات عزل الغاز في كركوك التي كنت قد فارقتها قبل اقل من 24 ساعة لتزيدني راحة واطمئنانا.

كل ذلك الشعور بالراحة والاطمئنان بدأ بعد ذلك بالتلاشي تدريجيا حيث بدت هناك حركة غير اعتيادية بين المضيفات ليتبع ذلك همسا فيما بينهن ينم بشكل واضح ان هناك امرا هاما لم يفصحن عنه بالرغم من استفسار بعض الركاب مما زاد في الغموض والترقب عما يخفين من اسرار.

وعندما حطت الطائرة في مطار اسطنبول وذهبنا الى احدى قاعات المطار استقبلنا حشد من المراسلين الذين امطرونا بالاسئلة والاستفسارات عن ما جرى ويجري في بغداد صباح ذلك اليوم. وعندما اخبرناهم بان بغداد كانت هادئة تماما عندما تركناها قبل ساعات قليلة علمنا منهم بالمقابل بان هناك انقلابا عسكريا.

إنقلاب 8 شباط 1963 ومقتل الزعيم عبد الكريم قاسم

ودعت اخي واستقليت الطائرة لاكمال رحلتنا الى لندن دون اية اشارة من قائد الطائرة عما جرى او يجري في بغداد ليعلن بعد فترة قصيرة بانه كان قد فقد الاتصال بمطار بغداد بعد فترة قصيرة من مغادرته لذلك لم يكن عنده اية معلومات عن سبب الانقطاع وكان قلقا من استلام اشارة بالرجوع الى بغداد لذلك لم يرد ان ينشر اية بلبة بين الركاب.

وصلت الى مطار لندن بسلام لأرى مساء ذلك اليوم خبر الانقلاب الذي قاده عبد السلام عارف على التلفزيون البريطاني الذي بث صور قصف وزارة الدفاع وليعلن في اليوم الثاني عن مقتل الزعيم عبد الكريم قاسم بدم بارد.

لقد كان مشهد قيام الطائرات الحربية العراقية بقصف وزارة دفاعها محزنا بقدر ما كان مخجلا امام المشاهد البريطاني الذي سخر من ذلك العمل الصبياني من طائرات يفترض منها حماية الوطن لا قصف وزارة دفاعه.


هكذا انتهى ذلك العهد الصاخب بالاحداث الجسام لكن الانقلابات والمؤامرات والمظاهرات والاغتيالات والملاحقات والاعتقالات لم تنته بل زادت بالعنف والقسوة والبطش ليعاني منها المواطن المسكين الامرين عبر سنين طويلة والتي مازالت مستمرة حتى يومنا هذا.

تُرى متى سينعم المواطن العراقي بالامن والاستقرار والعيش الكريم كما ينعم بذلك خلق الله في ارض الله الواسعة؟

ام يا ترى ذلك بعيد المنال بالرغم من توفر كافة الامكانيات البشرية الهائلة الماهرة التواقة للعمل الشريف والعقول النيرة القادرة على قيادة النهضة المرجوة اضافة الى الموارد الطبيعية الوفيرة في هذا البلد الغني العريق والتي تكفي لتوفير سبل العيش الكريمة لكافة ابنائه ان استغلت بذكاء وتعقل وحكمة؟  

نرجو ان لا يطول الانتظار.

ألإلتباس بالاسماء مرة اخرى

لقد مرت عبر السنين عدة حوادث حصل لي فيها التباس بالاسماء بيني وبين المرحوم محمد غانم العناز كان اخرها بعد وفاته مباشرة.

فقد قامت جريدة الزمان في 12 كانون الاول 2017 بنشر نعي وفاة المرحوم محمد غانم العناز لترفق صورتي الشخصية مع النعي.

جلب ذلك انتباه الاستاذ جلال جرمكا رئيس تحرير مجلة الكاردينيا لمعرفته بي عن طريق نشر مقالاتي في جريدته الغراء فقام مشكورا على اثر ذلك باعلامي للكتابة الى الجريدة لتصحيح الالتباس بذلك فقمت بالكتابة الى الجريدة ما يلي :

""السيد رئيس التحرير المحترم
لقد نشرتم في جريدتكم الغراء في يوم الثلاثاء 26/12/2017 خبر نعي كل من الاستاذين حامد الجبوري ومحمد غانم العناز.
وقد قمتم بنشر صورتي انا خبير النفط غانم عبد خليل العناز المؤلف لكتاب (العراق وصناعة النفط والغاز في القرن العشرين الصادر عن دار نشر جامعة نونكهام البريطانية في أيار 2012) مع خبر نعي المرحوم محمد غانم العناز.
يرجى العلم بأنني لا زلت والحمد لله على قيد الحياة لذلك يرجى نشر تصحيح لهذا الالتباس الذي حصل في تشابه الاسماء ولكم الشكر..
غانم العناز""

  قامت جريدة الزمان على اثر ذلك بنشر صورتي وتصحيح واعتذار بذلك كما يلي :

""تصحيح واعتذار.. غانم العنّاز ليس محمد غانم العنّاز""

December 29, 2017

657

لندن – الزمان

ورد سهوا صورة الباحث العراقي المعروف غانم العناز بدل صورة الراحل محمد غانم العناز  في خبر  عن وفاة الاخير ، ووردنا التصحيح من العناز الحي اطال الله في عمره مع اعتذارنا منه والقراء""

انتهى تصحيح الجريدة

غانم العناز

واتفورد ضواحي لندن

  تموز 2018