Thursday, 3 April 2014

ضغوط الحياة والتوتر النفسي أو الكأس التي نصفها ماء

ضغوط الحياة والتوتر النفسي
أو الكأس التي نصفها ماء
       بقلم غانم العنّاز  
 
لقد سمعنا وقرأنا الكثير عن ما يتعرضه الواحد منا من ضغوط نفسية ناتجة عن مشاكل سواءً كانت مهنية او اجتماعية او اقتصادية اوغيرها في حياتنا المعاصرة المعقدة التي ينتج عنها التوتر والضيق والقلق والهم والغم والحزن والأسى والكرب وما الى ذلك من الامور التي تعصر القلوب وتهصر النفوس وتدمع العيون وتثير الشجون وعن النصائح والارشادات الكثيرة التي تدعو للتخفيف من آثارها والتهوين من بلائها سواءً كانت نابعة من معتقدات  دينية او تقاليد اجتماعية او حكم عالمية او وصفات طبية.
وقد قرأت مؤخراً مقالة باللغة الانكليزية وصلتني عبر الانترنت دون ان تذكر اسم كاتبها تنظر الى هذا الموضوع من زاوية اخرى جديرة بالتأمل واليك ترجمة لها بشئٍ من التصرف.
وقف الاستاذ ليلقي محاضرته عن هذا الموضوع وقد رفع بيده كأساً زجاجية ملئت الى نصفها ماء.
وهنا تبادر لأذهان مستمعيه بانه سوف يتكلم عن فلسفة التفاؤل والتشاؤم في الامور الحياتية والنظرية التي تقول ان المتفائل من ينظر الى الكأس بان نصفها ممتلئ والمتشائم من ينظر اليها بان نصفها فارغ مما قد قرأوا وسمعوا عنها الكثير.
 

 
اما الاستاذ فقد خيّب ظنهم وفاجأهم بدل ذلك بابتسامة عريضة بسؤالهم عن وزن الكأس مع الماء الذي فيها. بهت المستمعون لذلك السؤال الغريب ومع ذلك اجابوا عليه حيث تراوحت اجوبتهم بين 300  و 500 غرام.
وهنا جاء جواب الاستاذ لهم كمفاجأة اخرى حين اخبرهم ان وزن الكأس والماء الحقيقي بالغرامات ليس ذا اهمية كبيرة بالنسبة لموضوع محاضرته عن التوتر والقلق وما الى ذلك بل المهم هو المدة التي سيبقى رافعاً الكأس فيها.
ثم اردف قائلاً إن انا بقيت رافعاً الكأس بيدي مدة دقيقة واحدة فلن افكر بالموضوع كثيراً ولن يتسسب لي ذلك باي جهد او تعب يذكر.
اما اذا بقيت رافعاً الكأس لمدة ساعة من الزمن فمما لا شك فيه سوف اشعر بشيء من الضيق والارهاق اضافة الى ألم في ذراعي.
واذا ما بقيت رافعاً الكأس مدة يوم فسيكون ذلك مدعاة للارهاق النفسي الشامل والألم البدني الكامل مما قد يتطلب  إستدعاء سيارة الأسعاف!
ان وزن الكأس الحقيقي وما فيها من ماء كما ترون لم يتغير في الحالات الثلاث اعلاه الا انني سوف اشعر بان الكأس تزداد ثقلاً بمرور الزمن لما يعادل اضعاف اضعاف وزنها الحقيقي بحيث لن استطيع الاستمرار بحملها بعد ذلك.
ان هذه القاعدة تنطبق على حالات التوتر والضيق والقلق وغيرها من الهموم. فإن نحن استمرينا في حمل مثل هذه الأعباء دون ان نطرحها جانباً لفترة معقولة فسوف تزداد ثقلاً مع مرور الزمن كما هي الحال مع كأس الماء الى ان نصبح عاجزين على حملها تماماً فنصاب بالاعياء والانهيار التام.



 

 لذا فكما علينا ان نضع الكأس على المائدة لفترة معقولة للاستراحة قبل رفعها بسهولة تامة مرة ثانية كذلك الحال مع بقية الاعباء والهموم التي يجب علينا ان نطرحها عن كاهلنا جانباً بين الحين والآخر للاستراحة من ثقلها كي نكون اكثر استعداداً على استئناف حملها بيسر من جديد الى ان نجد الحل المناسب لها والتخلص منها نهائياً.
اذن دعونا ايها السادة ان نحاول طرح كافة اعباءنا وهمومنا جانباً بعد وصولنا الى منازلنا في المساء، او على الاقل في عطلة نهاية الاسبوع، لكي لا نستمر بحملها ليلاً ونهاراً حيث ان ذلك سيجعلنا في وضع احسن بكثير على استئناف حملها من جديد صباح اليوم التالي كما هي الحال مع حمل كأس الماء بعد الاستراحة. اضافة الى ذلك فان التمرين على ذلك سيساعدنا مع مرور الزمن على جعلنا بوضع احسن على تحمل اعباء اثقل من ذلك بكثير في المستقبل.
بهذه الصورة انتهت المقالة.
 البلسم الشافي
ان مما لا شك فيه ان ما جاء في هذه المقالة عن طرح اعبائنا وهمومنا جانبا بين الحين والآخر نصيحة جيدة يجدر الاخذ بها ما استطعنا، غير ان الاستاذ المحاضر لم يخبرنا عن السبل التي تساعدنا على طرحها جانبا بين الحين والآخر حيث ان ذلك ليس بالامر الهين.
وقد يكون من المستحن ان نترك ذلك لعلماء واطباء النفس وغيرهم من الخبراء كي يقدموا لنا نصائحهم وارشاداتهم القيمة بهذا الشأن فقد نشر الكثير من الكتب والمقالات والحكم عن هذا الموضوع عبر العصور ولا زال ينشر الى يومنا هذا واذكر منها كتاب ديل كارنيجي الشهير (دع القلق وابدأ الحياة) الذي نشر باللغة الانكيزية منذ عقود كثيرة وترجم الى اللغة العربية ولغات عديدة اخرى.
لكنه في نظري، كمجرب وليس كخبير، فان دور الاديان والايمان العميق والعقيدة الراسخة تأتي في المقدمة في مساعدتنا على التخفيف من همومنا وطرحها جانباً ان لم نقل التخلص منها نهائياً.
ففي الدين الاسلامي هناك الكثير من الآيات القرآنية الكريمة والاحاديث النبوية الشريفة والادعية المستحبة التي تطمئن القلوب المعصورة ووتهدئ النفوس المهصورة لتزيل الهموم الثقيلة وتزيح الافكار العليلة وتهون من القلق المحير وتخفف من الضيق المدمر فبتلاوتها تشيع الراحة في النفوس الحائرة وتنتعش الآمال الذابلة فتنبعث الثقة بالنفوس وترتسم البسمة على الشفاه لتضفي مسحة، وان كانت يسيرة، من البشر والسعادة على حياتنا وعلى حياة من حولنا من الناس.
إنّ تلاوة آية كريمة من بضع كلمات نابعة من القلب عن ايمان عميق مثل (ألا بذكرِ اللهِ تطمئنُ القلوب) أو (قلْ لن يصيبنا إلا ما كتبَ اللهُ لنا) أو دعاءنا لانفسنا أو لغيرنا من الاحبة قد ينتج عنه كل ما ذكر اعلاه من طرح لاعبائنا جانباً، ولو لبعض الوقت، وإشاعة الراحة النفسية والاطمئنان في دقائق ان لم نقل في ثوانٍ معدودات، ولي في ذلك تجربة لخصتها بالابيات التالية من قصيدة لي بعنوان (دعاء) 
 
وقـلـبـي يَـفـيـضُ  بـأ زكى دعــاءْ
 
أُفـيـقُ  صبـاحـاً  وكُـلّي  صـفــاءْ
تـقـومُ  الـلـيـالي  تُـطـيـلُ  الرجـاءْ
 
فـأعـلــمُ  أنّـي  مَــديــنٌ  لأخــتٍ
وصَـفــوِ  الـحـيـاةِ  وعِــزّ  الـبـقـاءْ
 
لـتـدعــو  إلـيّ  بـخـيـرٍ  عَـمـيــمٍ
وأشـكـرُ  أخـتـي  لــذاك  الـوفــاءْ
 
فأحـمـدُ  ربّـي  لـهــذا  الـعـطــاء
وعـيـشٍ  رغـيـدٍ  وحـسـنِ  الـجـزاءْ
 
وأ دعـو  لأخـتـي  بـعـمــرٍ  مـديــدٍ
أليس ذلك من العجائب التي لم يستطع العلم الحديث، رغم تقدمه الهائل، من اعطاء تفسيرٍ كاملٍ أو مقنعٍ لها؟
غانم العناز
آذار 2014


 
Comments

معن الغلامي

21/03/2014 8:53am

لاشك ان ديننا الحنيف وتعاليم رسولنا الاكرم صلى الله عليه وسلم هي البلسم الشافي للقلوب وفيها راحة النفوس ذاك انها منهاج رباني اراده خالق الكون لهذا الانسان ليسير على ضوءهديه ووفق تعاليمه واذا كان من المسلم ان خالق الكون ومبدعه هو الحق تبارك وتعالى فان ما يريده لمن خلقهم وما يضعه لهم من محددات وضوابط تضبط سلوكهم وتهذب مسارهم هو الانجع والاصلح والافضل فان من يصنع شيئا هو الاعلم باسراره وما يحويه من امكانيات ولله المثل الاعلى فاذا ما تماشى هذا الانسان مع ما اراده له خالقه فسيعيش حياة وادعة هانئه لاتشوبها شوائب القلق والتوتر وهذا هو ما تفضلتم استاذي الكريم بذكره من احساس سليم صادق عند تلك الحظات الصافيه النقيه بوركت استاذنا الكريم وشكرا جزيلا

Reply


23/03/2014 3:52pm

شكراً لك عزيزي الاستاذ المهندس معن الغلامي، وبارك الله فيك على تعليقك القيم والفائض بالمعاني السامية الذي اعطى بعداً اضافياً لما جاء في المقال وبما يشعر به المؤمن من راحة نفسية واطمئنان عندما يلجأ الى خالقه عز وجل
مع اطيب تمنياتي لك بحياة وادعة هانئة لا تشوبها شائبة

 

معد الجبوري

21/03/2014 3:32pm

عزيزي الشاعر والخبير في شؤون النفط الأستاذ غانم العناز
ما نشرته عن ضغوط الحياة والتوتر النفسي كان مقالة جميلة خاصة الجزء المترجم منها بتصرف، فقد كان مشوقا .. أما ما طرحته عن البلسم الشافي من تراكم الهموم وضغوط الحياة ورأيك بأن في مقدمة ذلك كله دور الاديان والايمان العميق والعقيدة الراسخة ، فهو كما أرى عين الصواب فلا يُطمئِن الإنسان ويزيح همومه مثل التصاقه بالإيمان والعودة إلى الدين ما استطاع
أحييك أخي الأستاذ العناز على هذه المقالة الجميلة التي تخفف هي أيضا من الضيق والضنى .. معد الجبوري

Reply


23/03/2014 3:55pm

لقد زانت وعمقت كلماتك الصافية، عزيزي الشاعر الخلاق وصوت الحق الهادر معد الجبوري، ما جاء في مقالتي المتواضعة التي ارجو ان تكون قد ساهمت بالتخفيف، ولو بشئ يسير، عما يعانيه البعض منا في هذه الايام التي طغت فيها الحياة المادية على القيم النبيلة والاخلاق الكريمة
احييك اخي الشاعر المبدع وابن الموصل الاصيل، معد الجبوري، واشكر لك جهودك الخيرة بنشر الكلمة الطيبة وادعو من الله ان يديمك نبراساً ينير طريق الحق للاجيال القادمة
مع اطيب تمنياتي لك بالصحة الوافرة والحياة السعيدة ...........غانم العناز

 
صبحي صبري

21/03/2014 4:42pm

مَنْ منا لا يعيش في هذه الايام بتوتر نفسي حاد ..؟ عزيزي الشاعر والخبير بشؤون الذهب الاسود الاستاذ غانم العناز ، أنا عندما اشعر اني في حالة نفسية قلقة ومتوترة و الاسى يغلفني ما علي الا الذهاب الى مقبرة عائلتي لقراءة سورة الفاتحة ترحماً على ارواح امي وابي واخوتي وسائر المسلمين كافة وبعدها اتجول بين الازقة القديمة لمدينتنا الموصل الحبيبة ..لاغتسل مما اعانيه من توتر وقلق نفسي ، شكرا جزيلا لهذه المقالة العلمية ..دمت سالماً و ندعوا الله ان يبعدك عن الهم والغم والحزن والاسى والتوتر النفسي ..حفظك الله ورعاك

Reply


23/03/2014 3:57pm


شكراً لك عزيزي الاعلامي البارع صبحي صبري على اضافتك ونصيحتك القيمة التي زينت المقال بتجربتك الشخصية التي لابد ان يستفيد منها البعض من قرائنا الكرام
نعم ان لكل منا اسلوبه وطريقته في التخلص من الهموم التي لا يكاد ان يسلم منها احد، في زمان عصر السرعة هذا، والتي تستمد قوتها من الايمان العميق واللجوء الى الله عز وجل
رحم الله والديك واخوتك وسائر المسلمين وادعو من الله ان يشرح لك صدرك وييسر لك امرك ويبعد عنك الهموم كافة ويحفظك من كل سوء لتدوم ترش بشاشتك وابتسامتك الجميلة علينا باستمرار


نايف عبوش

22/03/2014 6:54am

الكاتب الفاضل الاستاذ غانم العناز:احسنت الاختيار في الكتابة بهذا الموضوع المهم للغاية،وهنا اود ان اشير الى ان الرسول محمدا- صلى الله عليه وسلم - جسد أقصى درجات التطلع المؤمن، في تعامله مع حقائقِ الحياة الإنسانية، إذ كان ينظر إلى التعاملمع متطلباتها بعين التفاؤل على طولِ الخط، في نهجِه النبوي الكريم، ويمكن تلمس هذه الرؤية في ذلك الأسلوب المتطلع جليا في قوله - صلى الله عليه وسلم (إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألاَّ تقوم حتى يغرسها، فليغرسها).فلا مكان في ثقافتنا العربية الاسلامية لليأس والقنوط في تعاطيها مع حقائق الحياة بقياس: (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون). دام قلمك متوهجا بكل ما هو مفيد
نايف عبوش

Reply


24/03/2014 11:03am

أحسنت قولاً عزيزي الكاتب القدير الاستاذ نايف عبوش فيما اشرت اليه في اضافتك القيمة فالتفاؤل، أو كما يقال، النظر الى النصف الممتلئ من الكاس من صفات المؤمن (تفاءلوا بالخير تجدوه)، فهو القاهر فوق اليأس والقنوط بعون الله تعالى
دمت داعياً للخير والصلاح مع اطيب تمنياتي لك بكل خير
غانم العناز

الدكتور محمود الحاج قاسم

22/03/2014 7:54am

بوركت أيها الأستاذ الفاضل غانم العناز على هذا الطرح الصائب
أجل أستاذنا الكريم إن الدعاء نداء وتضرع وطلب ورغبة وطرح لما في الصدور من القلق والهموم والآلام ، والدعاء يمكن إقتباسه من القرآ ن الكريم أو من أدعية سيد البلغاء والأنبياء ، فالمؤمن المهموم يفتح كف الضراعة أمام باب الرحمن الذي هو المحراب الأبدي ليشرح ويشكوما يجول في أعماقه وبذلك يتخلص من كل ما في نفسه من الغم . شكراً لك وجعل الله ذلك في ميزان حسناتك والسلام .

Reply


24/03/2014 11:10am

ما اجمل واصدق كلماتك عزيزي الدكتور والخبير في فنون تأليف الكتب القيمة التي تبحث في تاريخ الطب العربي الذي غرف الغرب منه عندما كان في العصور المظلمة كما يقال
نعم، من منا من لم يبسط يديه في التضرع بين يدي الخالق عز وجل داعياً لنفسه أو لاحبته أو لأُمته بخير عميم أو دفع لأذى أو شفاء لمريض أو هداية لضال وما الى ذلك مما يخفى في الصدور؟
إن مما لا شك فيه ان الدعاء يهدئ الروع ويخفف من الآلام ويبعث الامل في النفوس ويشيع بعضاً من الراحة في الاجساد ويضفي مسحة من البشر والسرور في نفس الداعي وفي من حوله من الناس
بارك الله فيك وتقبل اطيب تمنياتي لك بكل خير
غانم العناز

 



Saturday, 1 March 2014

الذهب الاسود لاعمار العراق أو بلدٌ يطفو على النفط


 

الذهب الاسود لإعمار العراق

أو.... بلدٌ يطفو على النفطِ

   بقلم غانم العنّاز



يقال بأن أول وقود أطلقت عليه عبارة الذهب الاسود كان الفحم الحجري حيث كانت مناجمه تقارن بمناجم الذهب الشهيرة لكثرة ما درت من ارباح خيالية على مالكيها من جراء انتشار استعماله بصورة كبيرة خلال الثورة الصناعية للتدفئة في البيوت والمخازن والمصانع وكوقود للمحركات البخارية التي انتشر استعمالها بسرعة كبيرة في القطارات والمصانع والسفن التجارية والحربية والمطاحن والمضخات وما الى ذلك من المعدات الاخرى التي يصعب حصرها.

                      منجم فحم حجري حديث                  منجم فحم حجري قديم                   

  اما اطلاق عبارة الذهب الاسود على النفط فقد بدأ بعد اكتشافه بكميات تجارية كبيرة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وزيادة استعماله بصورة كبيرة في بداية القرن العشرين كوقود  لمحركات الاحتراق الداخلي. ومع انتشار استعمال محركات الاحتراق الداخلي في السيارات والقطارات والبواخر والطائرات والدبابات وغيرها ازداد استعمال النفط بصورة كبيرة وتراجع استعمال الفحم الحجري تبعاً لذلك مما نتج عنه استعمال عبارة الذهب الاسود في وقتنا الحاضر للنفط بصورة رئيسية.
قد كان من غرائب الصدف ان يسعر النفط العراقي بالشلن (ذهب) في اتفاقية الامتيازات النفطية مع شركة نفط العراق في آذار 1931 كما مر ذكره في مقالتنا السابقة (نفط العراق وتسعيره بالذهب) مما اكد معادلة حقول النفط بمناجم الذهب ليضيف بذلك نكهة خاصة لعبارة الذهب الاسود المتعارف عليها الان.

النفط نعمة لا نقمة

لقد انعم الله علينا بثروة الذهب الاسود العظيمة هذه التي لو استطعنا استعمالها بحكمة وتعقل لجعلت من العراق بلداً متطوراً ينعم فيه المواطن بالعيش الكريم والأمن العميم وهذا ليس بالشيء العسير ان تكاتف الجميع في البناء بامانة واخلاص.

غير انه مما يؤسف له ان تلك الثروة الهائلة ذهبت هباءً منثوراً في خوض حروب طويلة عقيمة ليتبعها حصار بغيض خانق ادى الى تدهور الاقتصاد وهبوط قيمة الدينار العراقي الى الحضيض وما رافقه من غلاء فاحش. ثم جاء الغزو المقيت والاحتلال البشع الغادر وما تلى ذلك من هذه الحالة المأسوية التي تشهدها البلاد في ايامنا هذه من عدم الاستقرار واضطراب الامن واستشراء الفساد وغير ذلك من الآفات الكثيرة.

لقد راح ضحية هذا المسلسل الدموي الرهيب الملايين من ابناء شعبنا بين شهيدٍ ويتيمٍ ومعوقٍ ومشردٍ ومهجرٍ او مهاجر، لتنقلب تلك النعمة العظيمة الى نقمة أليمة اوصلتنا الى ما نحن عليه اليوم من خراب شامل وفقر مدقع وفوضى عارمة وقسوة صارمة تدمى لها القلوب وتدمع لها العيون.

فقد كتبت قصيدة قصيرة باللغة الانكليزية، منشورة في كتابي صناعة (النفط والغاز في القرن العشرين) الصادر باللغة الانكليزية في ايار 2012، بهذا المعنى اطلق عليها صديقي العزيز الدكتور اسماعيل الجليلي عنوان

(Iraq’s Troubled Oil)

أو (نفط العراق المضطرب)

وفي ما يلي نصها وترجمتها الى العربية بشيءٍ من  التصرف.

IRAQ’S TROUBLED OIL

Iraq

A country floating on oil

Some oil was set on fire

To get the whole oil boil

To brew a fatal stew

Of war, blood and toil

Courtesy of Chefs greed

Ignorance and broil

 

حرائق النفط العراقي

نفط العراق المضطرب

العراق

بلدٌ يطفو على النفطِ

أضرمتِ النارُ بجزءٍ يسيرْ

لغلي ما بقى من النفطِ الكثيرْ

 لطهي حساءٍ فاسدٍ مسمومْ

من دماءٍ وحروبٍ وهمومْ

بأيدي جمعٍ من طهاةٍ مهرهْ

جشعٌ مِنهمو والجهلُ والمشاجرهْ

 

الذهب الاسود ومجلس الاعمار العراقي

اما في منتصف القرن الماضي فقد استعملت هذه الثروة بصورة عقلانية وفعالة خلال الفترة 1951 – 1963 من قبل مجلس الاعمار الشهير المؤلف من تسعة منهم رئيس الوزراء (رئيساً) وعضوية وزير المالية ووزير الاعمار الذي يقوم بالتنسيق بين مجلس الاعمار ومجلس الوزراء في الحكومات المتعاقبة. اما اعضاء المجلس الستة الدائميين المستقلين فيختارون ممن يشهد لهم بالعلم والنزاهة والاخلاص، معظمهم من خبراء المال والاقتصاد، وذلك بعد ان حصن المجلس ضد التدخل في شؤونه سواء كان ذلك مباشراً أوغير مباشر من قبل كافة الجهات سواء كانت رسمية أو غير رسمية.

  خزانات تصدير النفط العملاقة في كركوك

اما اهم اهداف المجلس فكانت النهوض بالواقع العمراني والاقتصادي والصناعي والزراعي والخدمي في العراق عن طريق وضع خطط متكاملة سواءً كانت قصيرة او طويلة الامد لتنفيذ المشاريع المتعددة بهدف رفع مستوى معيشة الشعب من خلال توفير الخدمات والوظائف وفرص العمل التي ستوفرها تلك المشاريع سواءً خلال فترة تنفيذها أو بعد انجازها.

ميناء لتصدير النفط

كان على المجلس ان يقدم تقاريره وخططه ومشاريعه وميزانيته وما الى ذلك من المعلومات اللازمة الى مجلس الوزراء للمصادقة عليها لتقدم بعدها الى البرلمان لموافقته. يقوم المجلس بعد ذلك بتنفيذ تلك المشاريع بحرية كاملة بالطرق المناسبة  التي يراها ليقوم خلال ذلك بتقديم تقاريره الدورية عن تقدم العمل في تلك المشاريع الى مجلس الوزراء لابداء ملاحظاته وتوجياته حول ما جاء فيها.

 مشاريع مجلس الاعمار الرئيسية

حددت ميزانية المجلس بكامل ايرادات النفط في العام 1950 لتخفض الى 70% في السنين اللاحقة. صرف الجزء الاول من تلك الايرادات على مشاريع قطاع الري والزراعة والسيطرة على الفيضانات الموسمية المدمرة التي كانت تغرق العاصمة بغداد والكثير من المدن والقرى وذلك باصلاح الاراضي وشق الترع وبناء السدود التي ما زالت قائمة حتى يومنا هذا كسدي دوكان ودربندخان وسدة سامراء وناظم الثرثار ومنخفض الحبانية وغيرها.

 
 
  سد دوكان                                                       سد دربندخان                 

وقد يكون من المناسب هنا ذكر شركة بني وديكون وغورلي الاستشارية البريطانية

)Binnie, Deacon and Gourley(

 التي قامت باعداد الدراسات والتصاميم الخاصة بمشاريع الري تلك. فقد كانت الملحقية الثقافية في السفارة العراقية في لندن في ذلك الزمان تعد برامج خاصة لتدريب طلبة البعثات خلال عطلاتهم الصيفية مع الشركات البريطانية العاملة في العراق. وقد كان من حسن حظي ان التحق خلال عطلتي الصيفية مع تلك الشركة في مقرها في لندن في صيف 1957 لاقضي ما يقارب الثلاثة اشهر للتدريب والتعرف على قسم من تلك المشاريع. لقد كانت تلك البرامج التدريبية، ولا زالت، مهمة جداً لتعريف الطلاب بالجانب العملي والتطبيقي لدراستهم ، فهل يا ترى تقوم ملحقياتنا الثقافية بمتابعة وتدريب طلاب بعثاتنا هذه الايام مع الشركات التي تعمل في العراق؟

 صرف الجزء الثاني من تلك المبالغ على قطاع الابنية والمواصلات والخدمات التي شملت مشاريع انشاء المساكن والابنية الحكومية والمستشفيات كمشروع مدينة الطب في بغداد والمدارس والكليات اضافة الى مشاريع الطرق الرئيسية كطريق الحلة/الكوفة/النجف وطريق بغداد/الفلوجة والجسور كجسر الملكة عالية او الجمهورية لاحقاً وجسر الأئمة في بغداد ومنشآت تصفية واسالة المياه ومحطات توليد الطاقة الكهربائية وشبكات نقلها وتوزيعها الى غير ذلك من المشاريع الحيوية.   

 
سدة سامراء وناظم الثرثار

اما الجزء الثالث من تلك الايرادات فقد تم صرفه على القطاع الصناعي الذي شمل انشاء معامل الطابوق والسمنت كمعمل سمنت سرجنار في السليمانية لسد حاجة البلد المتزايدة من المواد الانشائية. كما شمل ذلك انشاء معامل حديثة للنسيج كمعمل النسيج في الموصل ومعملي الحديد والورق في البصرة والاثاث والجلود والاغذية والمشروبات الغازية كمعمل السكر في الموصل ومعمل الالبان في ابي غريب وغيرها لتلبية الطلب المتزايد على تلك السلع والمواد الاساسية من قبل المستهلك العراقي. كما شمل هذا القطاع انشاء مصفى القير في القيارة ومصفى الدورة في بغداد لتلبية الزيادة الكبيرة التي حصلت في استهلاك المنتجات النفطية.

لقد كُتب الكثير عن انجازات واخفاقات مجلس الاعمار غير انه لا بد لكل منصف من الاعتراف بان انجازاته كانت عظيمة ومشاريعه التي ما زالت قائمة حتى اليوم تشهد له بذلك.

 كما ان استقلاليته ونزاهته جديرة بالتقدير والاحترام، فأين تلك النزاهة والاخلاص بالعمل مما نراه اليوم من المشاريع الوهمية التي تذهب فيها الاموال ادراج الرياح دون تنفيذها  أو الفساد المستشري في تنفيد المشاريع الاخرى التي احسنها كما يقال اعرج او كسيح؟

نعم لمجلس إعمار جديد

لقد ظهرت في الآونة الاخيرة اصوات من جهات مهنية رصينة وشخصيات وطنية شريفة واقتصادية متمرسة عفيفة وسياسية مستقلة نظيفة وهندسية وفنية  خبيرة تدعو الى انشاء مجلس اعمار مستقل على غرار مجلس الاعمار السابق لاصلاح هذا الخراب الشامل والدمار الكامل الذي يشهده العراق في هذه السنين العجاف.

ان من اهم الامور التي يجب الاخذ بها لانجاح المجلس الجديد هي ضمان خبرات  ونزاهة واستقلالية اعضائه ومنحه الصلاحيات اللازمة للعمل بحرية تامة وذلك بسن القوانين التي تحصنه وتحميه وتحد من التدخل في شؤونه من اية جهة سواء كانت رسمية أو غير رسمية. حيث انه مسؤول تجاه مجلس الوزراء فقط، ياخذ تعليماته وتوجيهاته منه ليقدم على ضوئها برامجه للمشاريع القصيرة والطويلة الامد للمصادقة عليها ليقوم بعد ذلك بتنفيذها بالطريقة السليمة التي يراها.

لذا فاننا نضم صوتنا الى تلك الاصوات الوطنية الشريفة التي تدعو لانشاء مجلس اعمار جديد تخصص له نسبة ثابتة من واردات الذهب الاسود الهائلة للمباشرة بإعمار العراق لرفع المعاناة المزمنة، من بطالة مرتفة وخدمات متدنية وامراض متفشية وفقر مدقع وجهل مخجل وفوضى عارمة وقسوة غاشمة وفساد مستشري وتعصب اعمى وامتهانٍ لكرامة المواطن وسلبٍ لحقوقه وغيرها من مثل هذه الآفات التي تنخر في مجتمعنا.

إننا بذلك نستطيع تحقيق ما يصبو اليه الجميع من استتبابٍ للأمن والاستقرار وتثبيتٍ لدعائم العمران والرخاء في ربوع الوطن العزيز فقد طال الانتظار ونفد الصبر وعزّ الرجاء حتى بلغت القلوب الحناجر.

راجين من الله عز وجل ان يصفي القلوب ويوحد الكلمة ويشيع الإخاء ليجمع الشمل ويعيد المحبة والرخاء والحياة الكريمة الى كافة ابنائنا واهلينا الكرام.

غانم العناز

آذار 2014

المصدر - كتابى  العراق وصناعة النفط والغاز في القرن العشرين الصادر بالغة الانكليزية عن دار نشر جامعة نوتنكهام البريطانية في ايار 2012
  

Comments

معن الغلامي
03/03/2014 6:37pm
اراء سديده وتوثيق دقيق لحقبة زمنيه مهمه عاشها بلدنا العزيز وكان لها اثر بالغ في بناء كيانه الصناعي وتكوين بنيته التحتيه ولكن اتت الرياح بما لاتشنيهه السفن وحدث ما حدث الى ان وصلنا الى الحلقة القاتمة التي نعيشها اليوم في ظل بناء ركيك متدني للدولة وتدهور في تقديم الخدمات اضافة الى هدر بصورة جونيه للمال العام كل ذك وما يتبعه من سيادة لمفاهيم جديده وثقافات دخيله احرقت كل سنابل الخير والعطاء وحاولت قلع اشجار مثمره وداست على اغصان طريه اريد لها ان تموت قبل ان تولد والاسباب لما ذكرنا كثيرة ومعروفه ليس اسؤها الاحتلال الغيض وما كرسه من مفاهيم جديده والموضوع مؤلم وشاق وبحاجة الى تظافر جهود لمخلصين والغيارى من علماء ومختصين لاعادة الامور الى نصابها اجل استاذي الكريم نحن بحاجة الى مجلس اعمار جديد يتسامى فوق المفاهيم الحديثه والثقافة المقيتة التي اراد المحتل واعوانه ان تسود بوركت استاذنا الكريم والامل بنهوض هذا البلد باالله تعالى اولا وباهله &
Reply
معد الجبوري
04/03/2014 9:32am
الشاعر وخبير النفط الأستاذ غانم العناز
مقالة موجزة دقيقة عن الذهب الأسود ووضعنا الحالي .. والجميلفيه أنك عرجحت على فترة ذهبية في استخدام عائدات النفط فيالعراق في خمسينات القرن المنصرم
أضم صوتي إلى صوتك بالدعوة إلى(إنشاء مجلس إعمار مستقل لاصلاح الخراب الشامل والدمار الكامل الذي يشهده العراق في هذه السنين العجاف(. ولكن من يضمن نزاهته في زمن استشرت فيه السرقات بشكل علنيوبات الذي لايمد يده إلى المال العام من الأشخاص النادرين؟
أحييك على هذه المقالة الجميلة المزينة بالصورعزيزي العناز ... معد الجبوري
Reply
04/03/2014 10:01am
شكراً لك عزيزي الاستاذ المهندس معن الغلامي على اضافتك القيمة ومساندتك لانشاء مجلس اعمار مستقل ينهض بالبلاد من كبوتها من جديد. اننا ندعو ساستنا الى الاصغاء الى منطق العدل والعقل من اراء وتوصيات مواطنينا ذوي الخبرة والاختصاص في هذا المجال وافساح المجال امامهم للعمل بامانة واخلاص لاعادة اعمار ما خربته ايادي الغزاة والمحتلين والطامعين كي يعود الامن والاستقرار والرخاء لكافة ابنائه الكرام
مع اطيب تمنياتي لك بكل خير
غانم العنّاز
Reply
04/03/2014 3:43pm
عزيزي الشاعر الخلاق معد الجبوري، صوت الحق الذي يهدر كالشلالات المتدفقة من الاعالي للدفاع عن وطننا العزيز وابنائه الشرفاء من غدر الغادرين وحقد الحاقدين
اقول مرة اخرى ما دام هناك رجال من امثالك الطيبين فلن يخيب الظن في وصولنا الى شاطئ الامان لاشاعة الاستقرار والرخاء في كافة ربوع العراق
احييك بدوري واشكر لك اضافة صوتك الهادر الى اصوات هذه النخبة الطيبة من ابناء الوطن في دعوتهم الخيرة لانشاء مجلس اعمار مستقل ينقذ البلاد من هذه المحنة التي طال امدها
 


Wednesday, 1 January 2014

شركة نفط الموصل او نفط عين زالة Mosul Petroleum Company Or Ain Zalah Oil


شركة نفط الموصل

 أو نفط عين زالة

                                              بقلم غانم العناز     


ان اكتشاف الحقول النفطية كثيراً ما يتم في المناطق النائية مما يستوجب توفير المكاتب والدور السكنية وغيرها من الابنية اللازمة للعاملين فيها. فقد يقتصر ذلك على عدد قليل من المساكن والمكاتب الجاهزة لتشكل ما يشابه القرى الصغيرة او قد تتوسع لتصبح مدن عامرة كمجمعات شركة ارامكو في الظهران في السعودية.

اما في العراق فقد اقيمت مجمعات سكنية مشابهة في حقول كركوك والبصرة ومحطات ضخ النفط بالقرب من بيجي وحديثة والقائم. اما اشهرها واجملها على الاطلاق فمجمع شركة نفط الموصل في عين زالة الذي اشبه ما يكون بمصيف او حتى مشتى اقيم على تلال عين زالة المرتفعة ذات الطبيعة الجميلة والهواء العليل.


عين زالة – مساكن كبار الموظفين

فقد قضيت فيه امتع واجمل اربعة اشهر في بداية حياتي العملية من كانون الاول 1959 حتى منتصف نيسان 1960 لأعود لزيارته بمهام رسمية باشتياق بين الحين والآخر خلال سنوات عملي الطويلة في شركة نفط العراق في كركوك.
 فما هو تاريخ تلك الشركة التي شيدته بعد اكتشافها للنفط في تلك المنطقة؟

 شركة انماء النفط البريطانية

British Oil Development Company  

لقد تم اكتشاف النفط بكميات تجارية كبيرة في العراق لاول مرة في التاريخ  في حقل كركوك العملاق من قبل شركة النفط التركية (شركة نفط العراق لاحقاً) عندما انفجرت البئر الاولى فيه في 14 تشرين الاول 1927 كما تم تفصيل ذلك في مقالتنا السابقة بعنوان (النفط واكتشافه في العراق). لقد اكد ذلك الاكتشاف تكهنات الدول العظمى فى ذلك الوقت كبريطانيا وفرنسا والمانيا وامريكا وغيرها عن تواجد حقول النفط الغنية في العراق مما فتح شهية تلك الدول للتسابق للمساهمة في الحصول على امتيازات نفطية لشركاتها اسوة بشركة نفط العراق.

تم على اثر ذلك في عام 1928 تشكيل شركة جديدة باسم شركة انماء النفط البريطانية المدعومة برؤوس اموال بريطانية للحصول على امتيازات نفطية في العراق والتي اصبحت تدعى فيما بعد بشركة نفط الموصل.

قام ممثل شركة انماء النفط البريطانية بتقديم عرضاً شفهياً الى الملك فيصل الاول في ايار 1928 تضمن فقرة جديدة غير موجودة في اتفاقية 1924 مع شركة النفط التركية لانشاء خط سكة حديدية من العراق الى البحر الابيض المتوسط الشيء الذي كانت الحكومة العراقية تسعى لتحقيقه.

وفي كانون الاول 1928 قامت الشركة بتقديم عرضاً جديداً تضمن تقديم قرضاً للحكومة العراقية بمبلغ 2,100,000 باوند استرليني لمدة 30 سنة بفائدة قدرها 5.5 % ومنح الحكومة فرصة للمشاركة في اسهم الشركة بنسبة 25% حيث درس العرض من قبل مجلس الوزراء وتم رفضه لكونه مبني على مبدأ اعلان المناقصات ومشروط بنتائجها.

كان لانتشار خبر انشاء شركة انماء النفط البريطانية وسعيها للحصول على اتفاقية لاكتشاف النفط في العراق وقع كبير في الاوساط الدولية مما دفع الحكومة الايطالية، بعد حرمانها من المشاركة في شركة نفط العراق، للمطالبة باشراكها في المساهمة في هذه الشركة فتم على اثر ذلك في آب 1929 منح شركة النفط الوطنية الايطالية (أجيب) 40% من اسهم تلك الشركة.

شعر الالمان بالغبن ايضاً لعدم اعطائهم فرصة للمشاركة في الشركة، بعد ان خسروا حصتهم بشركة نفط العراق نتيجة خسارتهم الحرب العالمية الاولى، فتمت ترضيتهم في نيسان 1930 ليتم اعادة توزيع اسهم الشركة بنسبة 51% للمصالح البريطانية و 34% للمصالح الايطالية و 15% للالمان.

طالب الفرنسيون والسويسريون بعد ذلك باشراكهم في الغنيمة فتم لهم ذلك واعيد توزيع اسهم الشركة بشكل نهائي كالتالي، 51% للمصالح البريطانية و25% للمصالح الايطالية و12% للمصالح الالمانية و 12% للمصالح الفرنسية والسويسرية.

كانت شركة النفط التركية قد وقعت مع الحكومة العراقية اتفاقية النفط الاولى في اذار 1924 الا ان الشركة لم تستطع الالتزام ببعض شروط تلك الاتفاقية بالرغم من منحها سنة اضافية مما نتج عنه الغاء تلك الاتفاقية في تشرين اول 1928 والدخول في مفاوضات جديدة. وقد كان من حسن حظ الحكومة العراقية تلقيها العرض المذكور اعلاه من شركة انماء النفط البريطانية مما ساعد المفاوض العراقي للحصول على شروط افضل في اتفاقية اذار 1931 النهائية بين الحكومة العراقية وشركة نفط العراق والتي تم فيها تحديد منطقة امتيازها بالاراضي الواقعة شرق نهر دجلة من شمال العراق بمساحة قدرها 32,000 ميل مربع لتصبح بموجب ذلك الاراضي الواقعة غرب دجلة متوفرة للاستثمار من قبل شركات اخرى.

اتفاقية شركة انماء النفط البريطانية لعام 1932

قامت على اثر ذلك شركة انماء النفط البريطانية مع شركات اخرى كشركة بيرسون البريطانية وغيتي الامريكية بتقديم عروضها للحصول على امتياز للتنقيب في المناطق الواقعة غرب نهر دجلة وبعد مداولات طويلة قررت الحكومة العراقية من حيث المبدأ قبول عرض شركة انماء النفط البريطانية.

تم على اثر ذلك الدخول في المفاوضات النهائية بين الحكومة العراقية و شركة انماء النفط البريطانية  ليتم توقيع الاتفاقية بين الجانبين في ايار 1932 والتي ندرج اهم بنودها ادناه.

- حددت منطقة الامتياز بتلك الاراضي الواقعة غرب نهر دجلة وشمال خط عرض 33 درجة بمساحة قدرها 46 الف ميل مربع.

- حدد سعر النفط باربعة شلنات (ذهب) للطن الواحد اسوة بسعر شركة نفط العراق على ان لا تقل واردات الدولة العراقية عن 200 الف باوند استرليني سنوياً خلال العشرين سنة اللاحقة لتاريخ تصدير اول دفعة من النفط . علماً بان الجنيه الاسترليني الواحد يحتوي على عشرين شلن وان الطن الواحد يحتوي على 7.578 برميل من نفط كركوك وان البرميل يحتوي على 35 غالون بريطاني.

- تقوم الشركة بدفع بدل ايجار سنوي قدره 100 الف باوند استرليني في كانون الثاني

1933 ليرتفع بعد ذلك سنوياً بمبلغ 25 الف باوند استرليني لغاية 200 الف باوند استرليني

في عام 1937 وليستمر كذلك للسنين اللاحقة.

- تقوم الشركة بتصدير النفط بطاقة لا تقل عن مليون طن في السنة بعد سبع سنوات ونصف من تاريخ توقيع الاتفاقية.

- حددت مدة الامتياز ب 75 سنة من تاريخ توقيع الاتفاقية اسوة باتفاقية شركة نفط العراق.

 حقلي نفط عين زالة وبطمة وخطوط انابيب النفط من كركوك وعين زالة الى طرابلس وبانياس


الجارة المزعجة

لقد اثار النجاح الباهر الذي حقتته شركة انماء النفط البريطانية حفيظة جارتها شركة نفط العراق لاسباب عديدة منها:

- حصولها على امتيازها للتنقيب واكتشاف النفط بفترة قصيرة وجهد يسير في المنطقة الواقعة على حدودها الغربية والتي تزيد مساحتها البالغة 46 الف ميل مربع على مساحة امتيازها البالغة 32 الف ميل مربع بكثير.

- قيام شركة انماء النفط البريطانية بتقديم شروط افضل مما جاء في اتفاقيتها لعام 1924 مما قوى من موقف المفاوض العراقي خلال مفاوضاته مع شركة نفط العراق لاحقاً ومكنه من الحصول على شروط افضل في اتفاقية اذار 1931 النهائية بين الحكومة العراقية وشركة نفط العراق اهمها استحداث مبدأ ضريبة الايجار السنوية المغرية ومبدأ تحديد ايرادات الحكومة السنوية الدنيا الواجب دفعها بغض النظر عن كميات النفط المصدرة سنوياً.

 فاخذت شركة نفط العراق المسنودة من قبل مالكيها الاقوياء والاغنياء، شركات النفط العالمية الكبرى، كشركة النفط البريطانية وشركة النفط الفرنسية وشركة شل الهولندية والشركات الامريكية  تتحين الفرصة المناسبة للايقاع بهذه الجارة المتطفلة والمزعجة بهدف الاستيلاء على امتيازها والتخلص منها نهائياً.

شركة نفط الموصل المحدودة

Mosul Petroleum Company  limited

بدأت مشاكل شركة انماء النفط البريطانية المالية تظهر في وقت مبكر بعد قيامها باعمال التنقيب والحفر المكلفة فتم تشكيل شركة باسم (حقول نفط الموصل) في كانون الاول 1932 باموال ايطالية وبريطانية والمانية وفرنسية وهولندية وسويسرية وعراقية  لامدادها بالاموال اللازمة مقابل رهن بعض اسهمها.

قام بعد ذلك المساهمون الفرنسيون والسويسريون ببيع حصتهم البالغة 12% لشركة النفط الوطنية الايطالية في آب 1934 ليتبع ذلك بيع بعض المساهمون البريطانيون حصتهم البالغة 10% لشركة النفط الوطنية الايطالية كذلك لتصبح اسهم الشركة مملوكة بواقع 47% للايطاليين 41% للبريطانيين و12% للالمان.

وفي اذار 1936 كان هناك دفعة ايجار مستحقة للحكومة العراقية بمبلغ ربع مليون باوند استرليني لم تستطع الشركة تسديدها فاستغلت شركة نفط العراق الجارة الغنية تلك الفرصة التي طال انتظارها للقيام  باجراء مفاوضات مع  شركة انماء النفط البريطانية بحجة مساعدتها. فتم على اثر ذلك قيام شركة نفط العراق بانشاء شركة  ممولة باسم (الموصل القابضة المحدودة) لتامين الاموال اللازمة لشركة انماء النفط البريطانية مقابل حصول شركتها (الموصل القابضة المحدودة)  على نسبة من اسهم شركة (حقول نفط الموصل) .

قامت شركة نفط العراق بعد ذلك بوقت قصير باستبدال اسم (شركة الموصل القابضة المحدودة) باسم (شركة نفط الموصل المحدودة).

استمرت مشاكل شركة انماء النفط البريطانية المالية بالازدياد للفترة من 1936 الى 1940 واستمرت شركة نفط الموصل المملوكة من قبل شركة نفط العراق بتزويدها بالاموال اللازمة مقابل الاستيلاء على المزيد من اسهمها الى ان اضطرت شركة انماء النفط البريطانية اخيراً، بعد ان ارهقتها الديون المتراكمة، للتنازل عن كامل امتيازها وحقوقها لشركة نفط الموصل في عام 1941.

 وبذلك تخلصت شركة نفط العراق من غريمتها نهائياً والاستيلاء على امتيازها بصورة كاملة، عن طريق شركتها الفرعية (شركة نفط الموصل المحدودة)، لتوسع رقعة امتيازها بصورة كبيرة لتشمل كافة الاراضي العراقية الواقعة شمال بغداد اي شمال خط عرض 33 درجة والبالغة 78 الف  ميل مربع.

اكتشاف حقل نفط عين زالة 

لم تتمكن شركة انماء النفط البريطانية من اكتشاف اي حقل للنفط لعدة سنوات من التنقيب والحفر حتى استطاعت بعد فوات الاوان من اكتشاف حقل عين زالة في عام 1939. وكان ذلك بعد ان انهكتها الديون والمشاكل المالية المستعصية ووقوعها تحت رحمة غريمتها شركة نفط العراق الغنية كما ذكرنا اعلاه التي استطاعت في نهاية الامر من الاستيلاء على حقل عين زالة.

يقع الحقل على بعد حوالي 80 كيلومترا شمال غرب مدينة الموصل وقد تبين بانه صغيرالحجم بطول 16 كيلومتر وعرض 4 كيلومتر تقريبا ويحتوي على مكمنين كما موضح في الشكل ادناه.

يقع المكمن العلوي على عمق 1,600 متر تحت سطح الارض ويتراوح سمك صخوره النفطية من 75 الى 90 متراً بينما يقع المكمن السفلي على عمق 2,225 متراً تحت سطح الارض ويقدر اقصى سمك لصخوره النفطية بحوالي 400  متر ويتصل المكمنان عبر شقوق ضيقة جداً خلال شريط من الصخور الصلدة.

اما نفط عين زالة فهو اثقل من نفط كركوك حيث تبلغ كثافة مكمنه العلوي 33.7 درجة بمقياس معهد النفط الامريكي ويحتوي علي نسبة 3% من الكبريت. اما نسبة الغاز المذاب فيه فتقدر بحوالي 290  قدم مكعب لكل برميل. اما كثافة نفط مكمنه السفلي فتبلغ 31.4 درجه بمقياس معهد النفط الامريكي ويحتوي علي نسبة 2.6% من الكبريت.

حقل عين زالة وبعض اباره


مقطع في مكمن حقل عين زالة
اللون الاسود يوضح الصخور النفطية

تأخر تطوير هذا الحقل بسبب استمرار الحرب العالمية الثانية لعدة سنوات ليباشر بتطويره في اواخر اربعينيات القرن الماضي ليبدأ انتاج النفط منه في عام 1951 حيث بلغت طاقته الانتاجية القصوى 25,000 برميل باليوم وهي انتاجية واطئة جداً مقارنة بالحقول العراقية الاخرى التي يصل انتاج بعضها مليون برميل باليوم.

 اما طاقة اباره الانتاجية فتعتبر واطئة كذلك حيث يقدر معدل الانتاج من ابار المكمن العلوي ب 5,000 برميل باليوم ومن المكمن السفلي ب 4,000 برميل باليوم.

استقر الانتاج من هذا الحقل بعد عدة سنوات من انتاجه على معدل يتراوح بين 18,000 الى 19,000 برميل باليوم ليضمن بالاشتراك مع انتاج حقل بطمة معدل يزيد عن 20,000 برميل باليوم اي ما يعادل مليون طن سنوياً وهو الحد الادنى المطلوب تصديره بموجب اتفاقية النفط الموقعة مع الحكومة العراقية.  

كان انتاج النفط في الاعوام الاولى من عمر الحقل يستخرج بصورة تلقائية تحت ضغط

المكمن نفسه الذي بدأ بالتناقص تدريجياً مما تطلب المحافظة عليه بحقن الماء في اول الامر الذي لم يدم طويلا لينتهي باستعمال المضخات في نهاية الامر.

اكتشاف حقل نفط بطمة

تم اكتشاف هذا الحقل الموازي لحقل عين زالة في عام 1952 في منطقة تقع جنوب شرقه وعلى بعد عشرة كيلومترات منه تقريباً حيث يبلغ طوله 12 كيلومتر وعرضه 6 كيلومتر تقريباٌ. يتألف الحقل من قبتين منفصلتين شرقية وغربية حيث يكمن معظم النفط في مكمن القبة الغربية الذي يقع على عمق 1,150 مترا تحت سطح الارض. اما نفط هذا الحقل فهو اثقل من نفط عين زالة حيث تبلغ كثافته 29.8  درجة بمقياس معهد النفط الامريكي.   

يصنف هذا الحقل ضمن الحقول العراقية الصغيرة جداً حيث ان انتاجه لم يتجاوز اكثر من 5,000 برميل باليوم حيث بدأ الانتاج منه بصورة تلقائية في سنواته الاولى وبالمضخات في السنين اللاحقة.

منشآت حقلي نفط عين زالة وبطمة

شيدت منشآت حقل عين زالة اولا ليتم تشييد منشآت حقل بطمة بعد ذلك مباشرة لتصبح منشآت الحقلين منظومة متكاملة تشمل ما يلي:

- عشرات الآبار سواء للانتاج او للمراقبة او لحقن الماء.

- انشاء محطتين لعزل الغاز الاولى في حقل عين زالة والثانية في حقل بطمة.

- مد انبوب بقطر 8 عقدة وطول 15 كيلومتر من حقل بطمة لنقل نفط بطمة تحت الجاذبية الارضية الى خزانات التصدير في عين زالة ليتم مزجه مع نفط عين زالة هناك قبل تصدير المزيج.

- انشاء خزانات تصدير النفط في عين زالة.

- انشاء محطة ضخ لتصدير النفط في عين زالة.

- مد انبوب بقطر 12 عقدة وطول 216 كيلومتر لنقل النفط المزيج من عين زالة الى محطة ضخ (ك-2) بالقرب من مدينة بيجي ليتم تصديره من هناك عبر خط انبوب شركة نفط العراق القديم قطر 12 عقدة الى طرابلس في لبنان.

- انشاء محطة لتوليد الكهرباء.

- انشاء محطة ضخ ماء على نهر دجلة بالقرب من ناحية زمار القريبة ومد انبوب بقطر 8 عقدة لنقل الماء الى عين زالة.

- بناء مجمع يحتوي على مكاتب ومخازن وورش ونوادي ومطاعم وحمامات سباحة وساحات تنس وملعب كولف وغير ذلك من المنشآت الضرورية والترفيهية.

- بناء دار ضيافة لكبار الموظفين العزاب والزائرين بمهام رسمية اضافة الى 42 دار سكنية انيقة لكبار موظفي الشركة وعوائلهم.

تشييد العديد من البنايات السكنية التي تحتوي على عشرات غرف النوم مع مرافقها لمختلف الموظفين والحرفيين والعمال دون عوائلهم التي عادة ما تعيش اما في مدينة الموصل او في القرى المجاورة لعين زالة.

تشييد مدرج ملائم لنزول واقلاع طائرات الشركة الصغيرة لنقل الموظفين والبريد والمواد والمعدات بين كركوك وعين زالة. 

نهاية شركة نفط الموصل المحدودة

لم تتمكن شركة نفط الموصل من اكتشاف حقول نفط جديدة فاستمرت بانتاجها الرتيب من حقلي عين زالة وبطمة بمعدل مليون طن بالسنة اي حوالي عشرين الف برميل باليوم وهو الحد الادنى المطلوب في اتفاقيتها مع الحكومة العراقية لغاية تأميم شركة نفط العراق في الاول من حزيران 1972.

لقد شمل التأميم كافة منشآت شركة نفط العراق بضمنها منظومة خطوط انابيب تصدير النفط من كركوك الى الحدود السورية التي تشمل خط تصدير نفط عين زالة ما بين محطة ضخ (ك-2) بالقرب من مدينة بيجي والحدود السورية مما نتج عنه عدم استطاعة شركة نفط الموصل القيام بتصدير نفطها عبره فقامت بتسليم منشآتها الى الحكومة العراقية اسوة بمنشآت شركة نفط العراق وبذلك اسدل الستار على هذه الشركة نهائياً.

قامت وزارة النفط على اثر ذلك باستلام وتشغيل منشآت حقلي عين زالة وبطمة حيث لا زال الانتاج مستمرا الى يومنا هذا بالرغم من انخفاض الانتاج الى معدلات متدنية جداً.    

راجياً ان تعيد هذه المقالة للآلاف ممن عملوا في هذين الحقلين خلال السبعين سنة الماضية ذكريات عمل جميلة وفترات عيش سعيدة في مجمع عمل وسكن انيق محاط بطبيعة خلابة بصحبة اصدقاء اعزاء وزملاء عمل اوفياء.

مع اطيب تمنياتي القلبية لهم جميعاً بكل خير.

غانم العناز

  كانون الثاني 2014   

المصدر : كتابى  العراق وصناعة النفط والغاز في القرن العشرين الصادر بالغة الانكليزية عن دار نشر جامعة نوتنكهام البريطانية في ايار 2012 .

Comments

سيار الجميل
04/01/2014 1:10am
دراسة رائعة في التاريخ الاقتصادي العراقي ، ولقد استفدت منها كثيرا .. عن عين زالة التي كانت شهرتها كبيرة جدا في النصف الاول من القرن العشرين .. انه ذلك المكان الرائع بمنتجعه الجميل وهوائه العليل وثرائه الخصب سواء في ارضه او في اعماقها .. جزاك الله خيرا عزيزي الاستاذ
القدير غانم العناز مع اسمى الامنيات .. دمت ذخرا
سيار
Reply
سالم إيليا
04/01/2014 2:48am
الأستاذ الفاضل وخبير النفط المتمكن غانم العنّاز لكم جليل إحترامي وفرحي لتوثيقكم حقبة مهمة من حقب الصراع الذي لا يزال دائراً بين المفاوض العراقي صاحب الثروة الحقيقية وبين الشركات النفطية العالمية المكتشفة والمستخرجة للنفط وهو حق مشروع للطرفين فكل يسعى الى غايته وهدفه ، فلا عجب أن نرى في بلدان متقدمة مثل كندا تمتلك معظم إمتيازات إستخراج بترولها شركات أمريكية وفرنسية وحتى بعض الأسهم السعودية لأن النفط وكما تعلمون ثروة عالمية وإن وهب الله بعض الدول تملك هذه الثروة ، ـ ـ يتبع
Reply
سالم إيليا
04/01/2014 2:51am
ولكن على أصحاب الثروة بذل ما في وسعهم للإستفادة القصوى من إستخراج ثروتهم وبيعها للمستثمر لكي لا ينطبق عليهم المثل القائل : "كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول" ، تقبلوا مني شكري بما أجادت به ذاكرتكم وفاض به علمكم وقلمكم ـ ـ سالم إيليا
Reply
نايف عبوش
04/01/2014 6:20am
الكاتب الفاضل غانم العناز:عرض تاريخي توثيقي رصين من خبير بالصناعة النفطية. ويجدر في هذا الصدد الاشارة الى ان مثل هذه المعلومات والاخرى الفنية غيرها كانت محتكرة من الشركات الاجنبية وتخضع للسرية.و(اكتشاف الحقول النفطية كثيراً ما يتم في المناطق النائية) لانها من الصناعات التي تنجذب نحو الموضع ضمن مححدات التقنيات السائدة يوم ذاك (مما يستوجب توفير المكاتب والدور السكنية وغيرها من الابنية اللازمة للعاملين فيها. فقد يقتصر ذلك على عدد قليل من المساكن والمكاتب الجاهزة لتشكل ما يشابه القرى الصغيرة )التي كانت تعرف في ادبيات الموارد النفطية بمدن الاشباح لان الاحتكارت النفطية كانت لاتهمها الا مصالحها.دام قلمك وهاجا في تسليط الضوء على معالم هذه الصناعة التي لازال الكثير من القراء من غير المتخصصين لايعرف عنها الا النزر اليسير.اتمنى مرة اخرى ان يترجم كتابك القيم للعربية لتعم الفائدة وان تودع نسخ منه في مكتبات جامعات القطر
نايف عبوش
Reply
04/01/2014 5:30pm
انه لمن دواعي فخري ان تنال هذه الدراسة المتواضة رضاك اخي العزيز العلامة والمؤرخ البارع سيار الجميل. كما انه من دواعي سروري ان تكون قد استفدت منها وانها قد اعادت لك ذكريات عن تلك البقعة الجميلة من ارضنا الخيرة. نعم لقد كان لعين زالة شهرة واسعة في الموصل حيث ان معظم العاملين فيها كانوا ولا زالوا من ابناء مدينتنا العزيزة وقراها المحيطة بعين زالة. فقد كانت مصدر رزق شريف لهم ولعوائلهم وعنوان فخر واعتزاز لهم بعملهم في صناعة النفط العملاقة التي كانت ولا زالت تمثل اهم مصدر للدخل القومي في بلدنا العزيز
دمت لنا مؤرخاً واديباً بارعاً، مع اطيب التمنيات ... غانم العناز
Reply
04/01/2014 6:36pm

شكراً لك أخي الكريم الاديب وخبير مصافي النفط سالم ايليا على اضافتك القيمة وكيف لا وأنت ممن يملكون الخبرة الواسعة والمعرفة الشاسعة في صناعة النفط وخفاياها. نعم يجب على اصحاب الثروة استخراج ثروتهم وذلك ما قام به بكفاءة ذلك الرعيل من خبراء النفط العراقيين المشهود لهم بالمهنية العالية والخبرة الواسعة.
ان ما نتوق اليه اليوم هو قيام ساستنا بالتحلي بمثل تلك المهنية العالية والنزاهة الشفافة لاستثمار ما تدره تلك الثروة في مشاريع اقتصادية وخدمية تصب في رفع المعاناة عن شعبنا الذي ذاق ما فيه الكفاية من قهر وفقر وحروب .. مع اطيب التمنيات .. غانم العناز
Reply
04/01/2014 6:54pm
ما اصدق ما تفضلت به في اضافتك الكريمة ايها الاخ الاديب والمفكر نايف عبوش. لقد كانت ولا زالت الشركات النفطية والحكومات المعنية حريصة على عدم نشر كافة بنود اتفاقياتها النفطية. فسوف لن نعلم تفاصيل اتفاقيات العراق النفطية مع شركات نفط العراق والموصل والبصرة وما دار في مجالس ادارتها بالضبط الا بعد يتم نشرها بعد ثلاثين سنة من الان حيث انها محفوظة في ارشيف مغلق في جامعة واريك البريطانية
آملا ان تتحقق امنيتك وامنيتي معك في ترجمة الكتاب ان شاء الله علماً بان نسخة من الكتاب متوفرة في مكتبة جامعة الموصل.
مع اسمى التمنيات ......غانم العناز
Reply
محمد صالح يا سين الجبوري
06/01/2014 4:09am
الاستاذ غانم العناز المحترم
السلام عليكم
دراسة اقتصادية مهمة من استاذ وخبير له قدرات عالية في طرح مواضيع مهمة تستحق القراءة والتحليل ,وجهود كبيرة تهدف الى خدمة البلاد والعباد ...بارك الله فيك
محمد صالح يا سين الجبوري
.
Reply
06/01/2014 3:53pm
شكراً لك اخي الكاتب والاعلامي المتمكن محمد صالح ياسين الجبوري على هذه الالتفاتة الجميلة والكلمات النبيلة وارجو من الله العلي القدير ان يمكننا جميعا من المضي قدماً في نشر المعلومة الهادفة والكلمة الصادقة والدراسة النافعة لتحقيق ما نصبوا اليه من اعادة الصفاء والرخاء لمواطنينا الكرام واشاعة السلام والوئام في ربوع ووطننا العزيز
مع اطيب التمنيات لك بكل خير
غانم العناز