Wednesday 7 June 2017

سليمان فيضي الموصلي Sulaiman Faidhi Al-Mosuli



سليمان فيضي الموصلي

احد رواد النهضة العربية في العراق

                                                                                بقلم غانم العنّاز

هو خالي الحاج سليمان بن الحاج داود بن الشيخ سليمان القصاب العوادي الملقب (بفيضي) المولود في مدينة الموصل سنة 1885. فمن اين اذن جاء هذا اللقب الذي اشتهر به وعرفت به اسرته من بعده؟

ان لذلك حكاية لحادثة طريفة سوف تظهر تفاصيلها خلال سردنا لاحقا.




       سليمان فيضي 1935        5

 الطفولة في الموصل 

يذكر المرحوم في مذكراته التي سنأتي على ذكرها انه التحق في بداية طفولته بكتّاب المحلة (الملا) فحفظ القرآن ويذكر من رفاقه فيها عبد الغني النقيب ومصطفى الصابونجي. تعلم بعد ذلك شيئا من اوليات الفقه والتجويد من والده وقسما من الاجرومية في مدرسة جمشيد الوقفية التي تشاء الاقدار ان التحق أنا بها في طفولتي لحفظ القرآن الكريم ومن ثم خلال العطلات الصيفية بعد التحاقي بمدرسة الحدباء الابتدائية في اوائل اربعينيات القرن الماضي.

 دخل المدرسة الاعدادية ذات الخمسة صفوف وهو في العاشرة من عمره. ويذكر من رفاقه في الصف الاول : مولود مخلص ، عارف العارف ، ناظم العمري ، إسماعيل شنشل ، داود الحيدري ، قاسم الشعار ، واكرم العمري.

اما الطلاب الذين كانوا في الصفوف المتقدمة فيذكر منهم : داود الجلبي ، محمد رؤوف العطار ، داود سليم ، علي جودت ، قاسم محمد علي ، محمد علي مصطفى ، صديق الدملوجي ، فاروق الدملوجي ، وامجد العمري.

الدراسة في بغداد

 ثم يذكرالمرحوم انه عندما اكمل السنة الرابعة من دراسته ترك مدينة الموصل ليسافر بالكلك في نهر دجلة للالتحاق بالمدرسة الاعدادية العسكرية في بغداد لمدة خمس سنوات كمرحلة انتقالية تؤهله للالتحاق بالكلية الحربية في استانبول ليتخرج كظابط في الجيش العثماني.

وقد كان من رفاقه في تلك الرحلة علي جودت ، وداود سليم ، وقاسم محمد علي ، ومولود مخلص ، وتوفيق فكرت ، ومحمد شيت ، ومحمد علي مصطفى الامام ، وشهاب الدين ، و سليمان حكمت.

يقول رحمه الله: (((استقر بنا المقام في القسم الداخلي من المدرسة الاعدادية ونسبت الادارة التحاقنا بالصف الثالث الرشدي.

وفي اليوم الاول بعد التحاقنا تلا المعلم اسماء الطلاب الجدد ، فلما ورد اسم سليمان الموصلي أجاب طالبان في وقت واحد ، إذ كان لي زميل موصلي اسمه سليمان. فرأى مجلس المدرسين ، منعا للالتباس، أن يختار كل منا لقبا يضاف الى اسمه. فاختار صديقي لقب حكمت وصار يدعى سليمان حكمت ، أما انا فقد ارتأى مدير الاعدادية تسميتي بسليمان فيضي ، تيمنا باسم المشير العثماني أحمد فيضي باشا. ومنذ ذلك الحين عرفت بهذا الاسم))).

إستمرت الدراسة لمدة الخمس سنوات تدرج فيها الطلاب الى الصف المنتهي وكان من زملائه في الصف عدا الذين جاء ذكرهم اعلاه : نوري السعيد ، عبد اللطيف نوري ، طه الهاشمي ، عبد الحميد الشالجي ، نظيف الشاوي ، احمد رشدي ، رؤوف الكبيسي ، خليل زكي وخالد الزهاوي.

يقول رحمه الله : (((اوشكت آمالنا بالسفر الى استانبول للالتحاق بالكلية الحربية ان تتحقق بعد ايام قلائل ، لولا ان حدث ما لم يكن في الحسبان. فقد حدثت مشادة كلامية بين اثنين من زملائي ، ثم تطور النزاع الى الضرب ، وحين امعن احدهما بضرب الآخر ضربا مبرحا لم يسع رفاق هذا الا مناصرته ، فخف زملاء الاول ايضا الى مؤازرته وتوسعت شقة النزاع.

انتهى النزاع بتدخل المسؤولين  وقدم الطلاب الثمانية المتخاصمون التالية اسماؤهم الى مجلس المدرسين لمحاكمتهم :

مولود مخلص (الموصل) ، شاكر وفي (الموصل) ، مصطفى عزيز (استانبول) ، سليمان فيضي ، (الموصل) ، سعيد سارة (بغداد) ، عبد الرزاق حلمي (بغداد) ، اسماعيل حقي (بغداد) ، فؤاد نظيف (دمشق).

احال مجلس المدرسين اوراق التحقيق الى نظارة الحربية في استانبول فاصدرت حكمها بفصل الطلاب المذكورين فصلا نهائيا من المدرسة ،على ان يلتحق من هم في السن القانونية للجندية بالخدمة الفعلية فورا ، ويؤجل من لم يبلغها حتى بلوغه السن المذكورة بعد ربطه بكفالة.

وقد ساعدني على تاجيل الخدمة المذكورة كون ولادتي مسجلة بدفتر النفوس عام 1888))).

السفر الى نجد على الجمال

وفي خطوة جريئة لتخلصه من خدمة الجندية الشاقة في ذلك الزمان ، ذهب الى البصرة ومن هناك إلتجأ ، بعد سفر شاق على الجمال دام اربعة عشر يوما ، الى الامير عبد العزيز الرشيد في نجد لينجده بالاعفاء من خدمة الجندية. اضاف الامير ذلك الشاب الذي لا يعرفه واكرمه ليقوم بارسال برقية الى الباب العالي طالبا اعفائه من الخدمة ليستجاب طلبه بعد فترة من الانتظار في نيسان (ابريل) 1904.

الاستقرار في البصرة

رجع سليمان فيضي بعد ذلك الى البصرة وبدأ بدراسة القانون ليعين بعدها عضوا في احد محاكمها ويستقر فيها وليصدر اول جريدة باللغة العربية في البصرة في عام 1909 بعنوان  (ألإيقاظ).

 
 


 

عالجت الجريدة المواضيع السياسية والاجتماعية كخنق الحريات والظلم والطغيان والفساد الاداري والجهل المنتشر والامراض المتفشية والفقر المدقع وغيرها من الآفات مما عرضه للمراقبة والتهديد من قبل السلطات العثمانية المحلية. ومع ذلك فقد اصبح للجريدة قراء في خارج البصرة ومشتركين في بعض البلاد العربية والهند وسنغافورة.

عضو مجلس المبعوثان العثماني

وفي العام 1911 سافر الى الاستانة للدراسة ليحصل على شهادة الحقوق مما فتح المجال امامه للانخراط بالعمل السياسي من اوسع ابوابه.

ففي العام 1914 فاز سليمان فيضي وهو في سن التاسعة والعشرين بالانتخابات واصبح نائبا عن ولاية البصرة ليصل الى استانبول في آذار 1914 ويحضر افتتاح المجلس النيابي العثماني (مجلس المبعوثان) في نيسان من تلك السنة.

 

عضوية مجلس المبعوثان


    عضو محكمة إستئناف العراق

انتقل بعد ذلك الى بغداد ليعين عضوا في محكمة استئناف العراق في عام 1919 وكأستاذ في كلية الحقوق العراقية للسنتين الدراسيتين 1920 – 1921 و 1921 – 1922

ساهم في استقلال العراق وانشاء الدولة العراقية الحديثة بصورة فعالة لينتخب في  العام 1935 نائبا في مجلس النواب العراقي.

الرجل العصامي من رواد النهضة العربية

اذن ، فهو من ذلك الصنف من الرجال العصاميين الذين لديهم المقدرة على الاجتهاد والمثابرة للتغلب على العقبات باصرار كبير لتحقيق اهدافهم النبيلة في الحياة.

وهو ايضا من ذلك الرعيل الاول من رواد النهضة العربية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين الذين عملوا باخلاص على مكافحة الظلم والجهل والفقر والمرض وغيرها من الآفات التي كانت تنخر في جسد الامة.

 اعتزل السياسة في العام 1937 ليعكف على مزاولة المحاماة بعد خبرته الطويلة في هذا المجال ، اضافة الى المطالعة والدرس.

مذكرات سليمان فيضي

قام رحمه الله بجمع مذكراته خلال فترة مرضه الاخيرة ابتداء من 1948 وكتابة بعضا منها وحين اشتد مرضه قام باملائها على ابنته ليلى ليقوم ولده الدكتور عبد الحميد بصياغة عباراتها وربط اوصالها الا ان الاجل المحتوم عاجله في كانون ثاني 1951 قبل ان تنشر مذكراته في 1952 تحت عنوان (في غمرة النضال). صدرت بعدها الطبعة الثانية في 1974 واخيرا صدرت الطبعة الاخيرة بحلتها الجميلة في 1998 بعنوان مذكرات سليمان فيضي ، من رواد النهضة العربية في العراق. رحم الله خالي واسكنه فسيح جناته.

لقد كانت ولا زالت تلك المذكرات مرجعا قيما وسجلا اصيلا وامينا ، ووصفا شاملا لسلسلة الاحداث الجسام خلال فترة الصحوة العربية واستقلال العراق. وقد اعتمدها المؤرخون والباحثون العرب والاجانب في العديد مما نشروه من كتب ودراسات تاريخية وسياسية واجتماعية  اذ قليلا ما يخلو بحث في هذا المجال عن تلك الفترة من الاشارة اليها او الاقتباس منها.

  لقد كان رحمه الله ذو اسلوب سهل وديباجة انيقة رشيقة مما ساعده على غزارة الانتاج ونشر العديد من مؤلفاته المدرجة في القائمة ادناه بالرغم من اعبائه الكبيرة الاخرى.

 

كتب ورسائل طبعت

1 – شرح قانون حكام الصلح (جزءان)

2- الحقوق الدستورية

3- تعريب القانون الأساسي الأمريكي

4- التحفة الإقاظية في الرحلة الحجازية (طبعتان)

5- الرواية الإقاظية (طبعتان)

6- ألف كلمة وكلمة في الأمثال (طبعتان)

7- سر النبوغ

8- المنتخب في أشعار العرب (الجزء الأول)

9- أصول التبعات واحكامها في البصرة

10- البصرة العظمى (طبعتان)

11- مذكرات سليمان فيضي (ثلاث طبعات)

كتب لم تطبع

1 - تعريب القانون الفرنسي الأساسي

2- المنتخب في اشعار العرب (الجزء الثاني)

3- الفرق بين الإجارتين والمقاطعة في الوقف

 

اما اولاد المرحوم سليمان فيضي فلهم مكانتهم الخاصة فابنه الاكبر المرحوم الدكتور محمد سليمان فيضي فقد اختص بالامراض الصدرية وكتابة الشعر اما المرحوم الدكتور عبد الحميد فهو صاحب المستشفى الخاص الشهير في بغداد المعروف باسم مستشفى فيضي فكانت له مكانته الطبية المتميزة كذلك واما الإبن الاصغر المهندس باسل فقد كان صديقي العزيز وزميلي لبعض الوقت خلال فترة دراستنا في بريطانيا ،  فقد عرف باعماله الخيرية للعراق ايام الحصار والغزو الامريكي الغاشم حيث قام بانشاء مستوصف في بغداد على حسابه الخاص باسم مستوصف فيضي وجهزه باحدث المعدات الطبية اللازمة لذلك.  

 
هذا وقد قام الاستاذ  الاديب المعروف نجدة فتحي صفوة رحمه الله بكتابة مقدمة مسهبة للمذكرات في طبعتها الاخيرة للعام 1998 فلنقتطف صفحتين منها ادناه:

 

 

 
  
اطروحة ماجستير من جامعة البصرة

 لقد كتب عن سيرة المرحوم في العديد من الجرائد والمجلات لتتبنى جامعة البصرة اطروحة ماجستير عن حياته الزاخرة بالاحدات الجسام لما قدمه من اعمال جليلة للبصرة لتناقش الاطروحة وتصدر بحلتها القشيبة ادناه. 
 
اطروحة ماجستير لخولة طالب لفته _ جامعة البصرة

وختاما لا يسعنا الا تسجيل شكرنا وامتنانا للمرحوم الاديب نجدة فتحي صفوة على مقدمته المفصلة.

والله ولي التوفيق
غانم العناز   
واتفورد من ضواحي لندن في  شباط 2017

 

 

No comments:

Post a Comment