Monday, 25 June 2018

حكومة رشيد عالي الكيلاني وشركة نفط العراق


 
حكومة رشيد عالي الكيلاني وشركة نفط العراق
بقلم : غانم الـعـنّـاز
لقد نشر العديد من الكتب والعشرات من المقالات عن الاحداث السياسية والعسكرية والاقتصادية والمالية والاجتماعية وغيرها عن حكومة رشيد عالي الكيلاني. إلا انه حسب علمي لم يكتب عن العلاقات النفطية خلال تلك الفترة بين الحكومة العراقية وشركة نفط العراق المحدودة. لذلك سنحاول في هذه المقالة القاء الاضواء على تلك العلاقة المتوترة في تلك الفترة الصاخبة بالاحداث الجسام لتكون بادرة لمن لديه معلومات اضافية حولها.
نبذة عن الفترة المضطربة 1940 - 1941
لقد وقعت خلال هذه الفترة المضطربة احداثا جساما ادت الى قيام بعض القطعات العسكرية المؤيدة لرشيد عالي الكيلاني ، في شباط 1941 ، على اجبار حكومة طه الهاشمي على الاستقالة. تم على اثر ذلك قيام الجيش ببسط سيطرته على بغداد التي تم خلالها هرب الكثير من معارضي رشيد عالى الكيلاني الى المملكة الاردنية الهاشمية من اهمهم الوصي على عرش العراق عبد الاله ونوري السعيد وجميل المدفعي وعلي جودت الايوبي.
قام رشيد عالى الكيلاني بعد ذلك بتشكيل حكومة الانقاذ الوطني الجديدة التي ضمت الضباط المعروفين بالمربع اذهبي بقيادة العقيد صلاح الدين الصباغ وهم فهمي سعيد ومحمود سلمان وكامل شبيب ويونس السبعاوي. حاولت تلك الحكومة العراقية اثر ذلك طمأنة الحكومة البريطانية بانها ملتزمة بتعهداتها والتزاماتها معها.
الا ان الحكومة البريطانية رفضت الاعتراف بالحكومة الجديدة وقامت بدلا من ذلك بتهديدها بارسال قوات عسكرية جديدة لتعزيز قواتها المتواجدة في قواعدها في العراق. رفض العراق تلك التهديدات الا ان الحكومة البريطانية لم تعر لذلك بالا بل قامت بانزال قواتها من الهند في البصرة وعززت قواتها المتواجدة في قاعدة الحبانية بانزال قوات اضافية هناك مما ادى الى اعلان الحرب بين الدولتين في الثاني من ايار 1941.
قامت الحكومة البريطانية بعد ذلك بارسال قوات جديد من الاردن وفلسطين التي شقت طريقها باتجاه بغداد مما ادى انسحاب القوات العراقية امامها كما ادى ذلك الى انسحاب الحكومة العراقية من بغداد.
دارت معارك غير متكافئة بين القوات البريطانية والعراقية ادت في الاول من حزيران الى الاتفاق على اعلان الهدنة مما ادى الى هروب رشيد عالي الكيلاني الى ايطاليا ومن هناك الى المانيا. كما تم اثر ذلك رجوع الوصي وبقية المعارضين الى بغداد وتشكيل وزارة جديدة.
 شركة نفط العراق المحدودة
اما شركة نفط العراق المحدودة فقد كانت قد اكتشفت النفط في كركوك عام 1927 كما استطاعت ان تكمل كافة المنشآت النفطية ، لتستطيع في عام 1934 من تصدير النفط عبر خطي انابيبها قطر 12 عقدة الى حيفا وطرابلس.
لقد اثرت الاحداث السياسية المضطربة في بداية عام 1941 على عمليات شركة نفط العراق في كركوك وخطي انابيب التصدير بصورة مباشرة مما نتج عنها بعض الاضرار لمنشآت الشركة ليعقبها قيام الشركة بتعطيل بعض عمليات حفر الآبار وسد عشر أبار منتجة و38 بئر مراقبة بالاسمنت كاجراء احتياطي لمنع استغلالها في حالة وقوعها بايدي القواة الالمانية. كما قامت الشركة بنقل 6,000 طن من معدات الحفر المهمة من كركوك الى مناطق عملياتها الاكثر امنا في البصرة.
ومع ذلك فقد استمرت عمليات الانتاج من حقل كركوك والتصدير الى طرابلس وحيفا دون توقف حتى الاول من شهر ايار 1941. فقد ظهرت علامات تأزم الوضع بمناطق الشركة بالظهور في 30  نيسان عندما ارسلت الحكومة العراقية بعض الجنود العراقيين لمراقبة وحراسة قسما من منشآت الشركة المهمة وآبار نفطها.
تم على اثر ذلك اخلاء عوائل موظفي الشركة الاجانب الى بغداد واخلاء القسم الآخر جوا الى محطة (اج 3) ومن هناك الى الاردن وفلسطين بواسطة السيارات.
ومع ازدياد تأزم الوضع في كركوك وبعد اعلان الحرب بين الدولتين العراقية والبريطانية في الاول من أيار اقدمت الشركة على اتخاذ قرارها الصعب في 2 أيار بغلق جميع الآبار وتعطيل كافة منشآت انتاج النفط ليتم بعد ذلك بساعات قليلة غلق خطي انابيب تصدير النفط الى طرابس وحيفا ليتوقف تصدير النفط العراقي تماما.
منطقة عرفة السكنية لشركة نفط العراق
كما قررت ادارة الشركة في نفس ذلك اليوم نقل جميع موظفي الشركة الاجانب من منطقة بابا السكنية وغيرها الى منطقة عرفة السكنية للموظفين القريبة من دوائر الشركة الرئيسية ليعيشوا داخل تلك المنطقة المسيجة بعيدا عن الاضواء.
لم يدم ذلك طويلا حتى قررت السلطات العراقية المحلية في 19 أيار نقل كافة موظفي الشركة المتجمعين في منطقة عرفة السكنية الى مدرستين حكوميتين في مدينة كركوك ليكونوا تحت الحماية والمراقبة المباشرة من قبل القوات الامنية.
لم تستمر تلك الاوضاع طويلا حتى قامت القوات البريطانية بغزو العراق وهروب رشيد عالي الكيلاني وتشكيل وزارة جديدة ، كما ذكرنا اعلاه. ليتم على اثر ذلك رجوع الموظفين الاجانب في 2 حزيران  الى دورهم السكنية والى مراكز اعمالهم ليقوموا بفحص كافة الآبار والمعدات والمنشآت  للتأكد من سلامتها قبل المباشرة بتشغيلها ليتم إستئناف انتاج وتصدير النفظ في نفس ذلك اليوم.
لقد دام انقطاع تصدير النفط مدة شهر كامل خسر العراق خلالها اهم مصدر له من مصادر العملات الصعبة التي كان بامس الحاجة اليها خلال ايام الحرب العالمية الثانية الصعبة.
خط أنابيب البنزين من كركوك الى الموصل
قامت شركة نفط العراق المحدودة بعد ذلك بتقديم مساعدات كبيرة للقوات البريطانية منها كميات كبيرة من الانابيب باقطار مختلفة مع بعض المواد والمعدات الضرورية اضافة الى مد خط انابيب للبنزين قطر 4 عقدة بطول 90 ميل من مصفى الشركة في كركوك الى معسكر الجيش البريطاني في الموصل الذي استخدم لتزويد قواتها المتواجدة هناك بما يقارب 15 مليون غالون منه.
غانم العـنّـاز
حزيران 2018
واتفورد – ضواحي لندن
  المصدر - كتابى  العراق وصناعة النفط والغاز في القرن العشرين الصادر باللغة الانكليزية عن دار نشر جامعة نوتنكهام البريطانية في ايار 2012.
image002
 
 
 


No comments:

Post a Comment